12 ساعة تحت الشمس.. عمر يوسف يروي حكاية كدّ واجتهاد بلا كلل

في زمنٍ تتزايد فيه تحديات المعيشة، وتضيق فيه فرص العمل أمام الشباب، يظهر بين الحين والآخر من يتمسك بالأمل ويشق طريقه بصبر وعزيمة، من بين هؤلاء يسطع اسم عمر يوسف، شاب في مقتبل العمر من قرية المعصرة، التابعة إداريًا لمركز ملوي جنوب محافظة المنيا.
لم ينتظر عمر وظيفة من مكتب أو كرسي من ورق، بل نزل إلى أرض الواقع يواجه الحياة بسواعده وإصراره، يقضي يومه بين لهب الشمس وعناء العمل، بحثًا عن "لقمة العيش الحلال".
بداية الرحلة.. من المدرسة إلى المعمار
اضطر عمر بعد الانتهاء من التعليم مبكرًا لمساعدة أسرته، فانخرط في سوق العمل في عمر السادسة عشر،عمل مبيض محارة لفترة، متنقلاً بين قرى ونجوع ملوي. لم يكن العمل سهلاً، لكنه كان مصدر فخر له، فهو لم يمد يده لأحد، بل اعتمد على نفسه في بناء مستقبله، يقول عمر: "كنت بنزل من الفجر، وأشتغل لحد ما الشمس تغرب، كل همي أرجع بقرش نظيف".
تجارب متعددة.. بين الزراعة والبناء
لم يكتفِ عمر بعمل واحد، بل تنقّل بين المزارع، يساعد في حصاد المحاصيل، كما عمل في مواقع البناء وحمل الطوب والأسمنت، وكأن سنوات عمره القليلة تحمل في طياتها سنين تعب رجال. تعددت الأعمال وتنوعت، لكن القاسم المشترك الوحيد كان التعب والعرق والرضا.
بائع ذرة.. الشمس لا تغيب عن يومه
اليوم، أصبح عمر يملك عربة بسيطة لبيع الذرة المشوي، يقف بها على طريق القرية لساعات طويلة، يبدأ يومه في الصباح الباكر، ليجهز الفحم والذرة، وينطلق في رحلة شقاء تمتد لأكثر من 12 ساعة تحت الشمس، رغم الإرهاق يبتسم في وجه زبائنه، ويُشعل فحم أمله في مستقبلٍ أفضل.
رسالة عمر: الشغل مش عيب
يرى عمر أن الكرامة في الكد والاجتهاد، وأن العمل الشريف، مهما كان بسيطًا، أفضل من مدّ اليد. يقول: "أنا شغال على قدّي، بس عمري ما خجلت من شغلي، المهم أعيش من عرقي"، قصته تلخص حكاية آلاف من شباب مصر الذين يعملون بصمت، ويؤمنون أن الكفاح وحده هو طريق النجاح.