عاجل

عباس شراقي: أزمة سد النهضة وصلت إلى مرحلة حساسة.. ومصر لن تُقبل بأي مساومة

أزمة سد النهضة
أزمة سد النهضة

أزمة سد النهضة الإثيوبي لا تزال واحدة من القضايا التي تثير الكثير من الجدل على الساحة الدولية، خاصة بين مصر والسودان من جهة وإثيوبيا من جهة أخرى، خاصةً بعد تصريحات ترامب الأخيرة بشأن سد النهضة وحل الأزمة بين مصر وأثيوبيا، الأمر الذي أثار ذعر العديد بسبب تلك التصريحات، وتساؤلات حول ما هدف ترامب من تلك التصريحات.

أزمة سد النهضة

وفي هذا السياق، علق الدكتور عباس شراقي أستاذ الجيولوجيا بجامعة القاهرة والمتخصص في الشؤون المائية عن أزمة مصر وأثيوبيا وتصريحات ترامب الأخيرة.

موقف مصر من بناء سد النهضة

وقال شراقي في تصريحات خاصة لـ نيوز رووم، إنه لا يمكن إنكار أن الأزمة حول سد النهضة قد وصلت إلى مرحلة حساسة، وذلك مع بداية موسم الأمطار في يونيو الماضي، كانت الصور الفضائية تشير إلى أن إثيوبيا قد بدأت في استعادة كميات من المياه المخزنة في بحيرة السد، حيث كانت كمية المياه قد انخفضت من 60 مليار متر مكعب إلى 54 مليار متر مكعب، حيث أن هذا الانخفاض يعكس حجم الضغط على البحيرة، رغم أن إثيوبيا كانت قد بدأت في إعادة تخزين المياه.

وأضاف أن ما يثير القلق في هذه المرحلة هو السيناريوهات المحتملة في الأيام المقبلة، كما أنه من الممكن أن تفتح إثيوبيا بوابات المفيض للحفاظ على منسوب 638 مترًا، وهو ما سيؤدي إلى توازن مؤقت.

 

وأشار إلى أن السيناريو الأكثر خطرًا هو استكمال إثيوبيا عملية التخزين بشكل كامل حتى منسوب 640 مترًا، ما يعني تدفق المياه عبر مفيض السد بدون الحاجة إلى البوابات العلوية، وهو ما قد يؤدي إلى خطورة كبيرة على السودان، خاصة مع بداية موسم الأمطار الذي يزيد من الإيراد المائي.

 

وأكد على أنه رغم أن التوترات بين مصر وإثيوبيا حول سد النهضة قد انخفضت بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة، إلا أن الأزمة لم تجد حلاً جذريًا بعد، حيث أن المفاوضات بين الأطراف الثلاثة (مصر، السودان، وإثيوبيا) شهدت تعثراً كبيرًا في السنوات الأخيرة، على الرغم من الجهود الدولية المبذولة للوساطة.

سد النهضة

منذ أن بدأ الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب محاولاته للتوسط بين الأطراف، ظهرت تصريحات متضاربة، حيث اتهم الإدارة الأمريكية السابقة بتمويل السد بشكل "غبي" دون فحص عواقب ذلك على دول المصب. 

وقد أشار ترامب إلى أن الولايات المتحدة قد تؤدي دورًا كبيرًا في حل الأزمة، بل ووعد بحل المشكلة سريعًا في حال فوزه بجائزة نوبل للسلام، لكن، على الرغم من هذه التصريحات، لم تُفضِ جهود الوساطة إلى اتفاق حاسم، ومن المتوقع أن تكون المحادثات المقبلة أسهل، خاصة بعد اكتمال الملء الأول للسد، وهو ما يقلل من حدة الخلافات.

ثالثًا: التداعيات الإقليمية

وأضاف أن ما يثير القلق أكثر هو التأثيرات المستقبلية التي قد تترتب على تشغيل السد بشكل كامل، كما  يظل الخطر الأكبر على السودان بسبب تزامن بدء التخزين مع بداية موسم الأمطار، الذي يمكن أن يؤدي إلى زيادة حجم التدفق من السد بشكل مفاجئ. في المقابل، فإن مصر تعتمد بشكل أساسي على نهر النيل كمصدر رئيسي للمياه، وبالتالي فإن أي اضطراب في تدفق المياه قد يؤدي إلى مشاكل كبيرة في تأمين احتياجاتها المائية.

رابعًا: الموقف المصري والسوداني

وأفاد بأنه من المهم التأكيد على أن مصر لن تُقبل بأي مساومة تتعلق بمستقبل مياه نهر النيل، فلا يمكن أن يتم التنازل عن حقوقها المائية تحت أي ظرف. السنوات الماضية شهدت إضرابات شديدة في مفاوضات سد النهضة، خاصة بسبب غياب الشفافية من الجانب الإثيوبي. ومع ذلك، تُظهر تطورات الأزمة أن مصر تتبنى سياسة حذر ومرونة، تعمل على تجنب التصعيد مع إثيوبيا، وتبحث عن حلول دبلوماسية بعيدة عن الصراع.

خامسًا: الخطر على الأمن القومي

إن سد النهضة ليس مجرد مشروع مائي، بل يمثل جزءًا من الأمن القومي لمصر والسودان. لذلك، يجب أن تظل هذه القضية في صدارة الاهتمام المصري والدولي. ومن المهم أن تُسرع الأطراف في التوصل إلى اتفاق شامل ينظم عمليات الملء والتشغيل، ويضمن التنسيق المستمر حول أي مشاريع مائية مستقبلية قد تؤثر على تدفق مياه النيل.

التوقعات المستقبلية

لا أعتقد أن سد النهضة سيكون "مسألة حياة أو موت" لمصر، كما يروج البعض، مصر في وضع أفضل من السنوات السابقة، حيث أن السد العالي والتدابير المصرية قد نجحت في الحفاظ على استقرار الوضع المائي في نهر النيل. لكن، التوصل إلى اتفاق يضمن حقوق مصر والسودان، ويحمي الأمن المائي للمنطقة، يبقى ضرورة لا بد من تحقيقها، موضحا أنه إذا استمرت إثيوبيا في تجاهل التنسيق مع دول المصب، فإننا قد نشهد تصعيدًا في المواقف، وقد تُصبح الأزمة أكثر تعقيدًا، ومن هنا، يجب على المجتمع الدولي دعم الجهود للوصول إلى حل عادل ومتكافئ يضمن لجميع الأطراف حقوقها دون المساس بالأمن المائي لدول المصب.

 

وقد قال الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إن إثيوبيا بنت سدًا يمكنه منع تدفق المياه إلى مصر، والمشكلة هي أننا من مولنا إنشاء هذا السد، مُضيفًا: «أعتقد أننا سنتوصل لحل بشأن مسألة سد النهضة الإثيوبي».

موقف مصر في حل الأزمة مع أثيوبيا

يُذكر أن الدكتور هاني سويلم، وزير الري والموارد المائية، صرح الأسبوع الماضي، بأن مصر تتابع كل ما يحدث في سد النهضة الإثيوبي، موضحًا: «نتابع كل حركة تتم في هذا السد عن طريق الأقمار الصناعية والبيانات حتى نستطيع توقع المياه هتيجي إمتى، وفي أي ساعة وبأي كمية، لكن من الصعوبة توقع التصرفات العشوائية دون أي مبرر فني».


وقال «سويلم»، خلال حواره مع الإعلامي شريف عامر، ببرنامج «يحدث في مصر»، المذاع على قناة «إم بي سي مصر»: «أتحدى رئيس وزراء إثيوبيا أن يطبق تصريحاته بالتعاون مع مصر وعدم الضرر بالمصالح المائية لمصر والسودان، والحقيقة أننا نعاني من عشوائية وعبث بمياه النيل الأزرق».

 

كيف حمت مصر المواطن من أضرار سد النهضة؟

اكتمل الملء الأول فى سد النهضة بعد تخزين 60 مليار م3 على مدار 5 سنوات (2020 – 2024) عند منسوب 638 متر فوق سطح البحر، وأقل مترين فقط من أعلى مستوى للممر الأوسط (640 م) للحفاظ على السد، علما بأن أقصى سعة حاليًا 64 مليار م3 نتيجة إنشاء الممر الأوسط منخفضا خمسة أمتار عن الجانبين، السعة القصوى اعند منسوب 645 م فى حالة عدم وجود الممر الأوسط 74 مليار م3.    

 

متوسط إيراد النيل الأزرق السنوى خلال 84 سنة فى الفترة (1911 – 1995) 50 مليار م3 وهى تشكل 60% من إيراد نهر النيل عند أسوان (84 مليار م3)، وفى أقصى سنوات الفيضان لايتعدى الإيراد 61 مليار م3، وهذا لم يحدث طوال فترة التخزين ولكن كان أعلى قليلا من المتوسط (أقل من 55 مليار م3)، ليس صحيحا إدعاء البعض دون أساس علمى بأن إيراد النيل الأزرق السنوى طوال الملء كان 75 مليار م3، وأن هذا سبب عدم تأثر مصر، علما بأنهم كانوا يروجون فى السنوات الأولى بأن 2 مليون فدان سوف تتوقف عن الزراعة، وسوف ينخفض منسوب المياه الجوفية وتزداد ملوحة التربة الزراعية، وتهجم مياه البحر على الدلتا، ويفقد 10 مليون مزارع رزقهم مما يضطرهم إلى الهجرة غير الشرعية.  

 

السد العالى حمى مصر من الملء الذى تم السنوات الماضية بما فيه من تخزين قبل سد النهضة، وساعد على ذلك الزيادة القليلة فى الأمطار مع ترشيد الاستهلاك لتوفير جزء يضاف إلى الاحتياطى، وإعادة استخدام حوالى 25 مليار م3 من مياه الصرف الزراعى (8 مليار م3 مياة جوفية من الوادى والدلتا، 17 مليار م3 من المصارف الزراعية السطحية مع إنشاء محطات معالجة ثلاثية، وتحديد مساحة الأرز 1.1 مليون فدان وعدم زيادتها رغم أنها وصلت إلى 2.5 مليون فدان عام 2008 وكان عدد السكان أقل من الآن بأكثر من 20 مليون نسمة)، وتطوير رى بعض الأراضى الزراعية إلى رى حديث، وتبطين الترع، واستبدال جزء من زراعة قصب السكر ببنجر السكر، ومنع زراعة الموز فى بعض الأماكن، ومشروع 100 ألف فدان صوب زراعية، وغيرها، كل هذه المشروعات لم تكن بسبب سد النهضة فقط ولكن كان له دورًا كبيرًا فى تنفيذها فى أسرع وقت وتحميل ميزانية الدولة أكثر من 500 مليار جنية فى المشروعات المائية حتى لايصل ضرر سد النهضة إلى المواطن .

كل إجراءات الحماية السابقة، ووجود السد العالى لاتمنع مصر من التمسك بحقوقها المائية، السد العالى أُنشئ بغرض التنمية وحماية مصر من الظروف الطبيعية من فيضانات أو جفاف.

تم نسخ الرابط