الإسكندرية القديمة: مدينة على حافة الانهيار والحكومة تطلق خطة إنقاذ عاجلة

فتح انهيار عقار العطارين في شارع صلاح الدين بمدينة الإسكندرية ملف العقارات القديمة والآيلة للسقوط في قلب "عروس البحر الأبيض المتوسط"، حيث تتفاقم الأزمة بشكل يُهدد حياة آلاف السكان، ويكشف عن واقع مأساوي يختبئ وراء عراقة المدينة وتاريخها الممتد لآلاف السنين.
تواجه الإسكندرية، التي كانت منارة حضارية وتاريخية على شواطئ البحر الأبيض المتوسط، تآكلًا كبيرًا في بنيتها التحتية، خصوصًا في أحياء عدة مثل بحري والمنشية والعطارين وكوم الدكة، حيث تنتشر المباني القديمة التي تعاني من الإهمال وعدم الصيانة، مما يضاعف المخاطر على حياة المواطنين.
وفي تصريحات حديثة، أكد الفريق أحمد خالد، محافظ الإسكندرية، أن المحافظة تواجه "واحدة من أخطر التحديات العمرانية في تاريخها الحديث". وكشف أن عدد العقارات القديمة التي تشكل خطرًا داهمًا على السلامة وصل إلى نحو 6,780 عقارًا، في حين يتجاوز إجمالي العقارات القديمة والآيلة للسقوط 24 ألف عقار في مختلف أنحاء المدينة.
تدخل سريع وعاجل
وأضاف المحافظ أن هذا الملف الخطير "يحتاج إلى تدخل سريع وعاجل على أعلى المستويات، خاصة من القيادة السياسية، لتفادي كارثة إنسانية محتملة"، مشيرًا إلى أن هذه العقارات منتشرة في المناطق الحيوية والتاريخية بالمدينة، ما يجعل إدارة المخاطر والتعامل مع هذه الأزمة تحديًا كبيرًا.
تأتي هذه التحذيرات في وقت تشتد فيه المخاوف بين الأهالي الذين يعيشون في هذه المناطق، حيث يشعر الكثير منهم بعدم الأمان في مساكنهم، مع استمرار وجود مبانٍ تتعرض للتدهور دون أي إجراءات فعالة للترميم أو الإزالة.



مدبولي: التطوير ليس رفاهية.. بل حماية للأرواح
من جانبه، قال رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، خلال زيارته للإسكندرية صباح اليوم، إن الحكومة تعمل على وضع خطة قومية عاجلة للتعامل مع ملف العقارات الآيلة للسقوط في المدن القديمة، مشيرًا إلى أن "الإسكندرية تمثل أولوية قصوى، لما تحتويه من مناطق تاريخية مهددة بالانهيار".
وأضاف مدبولي:" ملف المباني القديمة ليس مجرد تطوير عمراني، بل هو ضرورة وطنية لحماية أرواح المواطنين... ووجّهنا بالفعل بتكليف لجنة مشتركة من وزارة التنمية المحلية، ومحافظة الإسكندرية، وهيئة المجتمعات العمرانية، للانتهاء من حصر شامل لكافة العقارات الخطرة خلال شهرين، مع وضع خطة للتمويل والإخلاء المؤقت وإعادة التسكين".
المناطق الأخطر بالإسكندرية
تنتشر المباني الآيلة للسقوط في عدة مناطق عريقة أبرزها:
الجمرك: وتحديدًا في مناطق بحري، السيالة، رأس التين، وشوارع مثل فرنسا والنبي دانيال، حيث تتكدس العمارات القديمة المبنية بالطوب الرملي.
المنشية: التي تحتوي على العديد من المباني التراثية المتهالكة.
كوم الدكة وغيط العنب: مناطق تشهد تدهورًا عمرانيًا واضحًا.
العطارين ومحطة مصر: حيث تنتشر عمارات عمرها يتجاوز 80 عامًا.
ضحايا الانهيارات يتزايدون
شهدت السنوات الأخيرة تكرارًا لحوادث انهيار العقارات، آخرها في منطقة العطارين حيث لقي اثنان مصرعهم وأصيب ٥ آخرون وفب اللبان حينما سقط عقار مكون من 4 طوابق، وأسفر عن وفاة أسرة كاملة.
وفي يونيو الماضي، انهار عقار في منطقة كرموز، مما أدى إلى مصرع طفلين وإصابة ثلاثة آخرين.
ووفقًا لبيانات غرفة عمليات المحافظة، تم تسجيل أكثر من 30 حالة انهيار جزئي أو كلي منذ بداية العام الجاري فقط.
قرارات إزالة لا تُنفذ
قال النائب الاسبق حماده منصور: انه رغم صدور قرارات إزالة لآلاف العقارات، تعاني المحافظة من صعوبات في التنفيذ لأسباب منها:اعتراض السكان على الإخلاء لغياب البدائل.،ضعف التمويل اللازم للإزالة.،خلافات على الملكية.
واضاف منصور، ان اهم شئ في الازمه هو تهاون بعض الأجهزة التنفيذية في المتابعة.
وبحسب تقارير إدارة الإسكان، هناك أكثر من 12 ألف قرار إزالة لم تُنفذ حتى الآن.
هل تنقذ خطة الدولة المدينة من السقوط
رئيس الوزراء أشار إلى أن الحكومة ستبدأ بمشروع تجريبي في بعض المناطق، يتضمن:
تعويضات عادلة للسكان المتضررين.
توفير سكن بديل في مشروعات الإسكان الاجتماعي.
تقديم حوافز للمستثمرين لترميم أو تطوير العقارات.
كما أعلن الفريق أحمد خالد أن "محافظة الإسكندرية ستطلق غرفة عمليات مركزية لمتابعة ملف العقارات الخطرة، وسيتم فتح خط ساخن لتلقي بلاغات المواطنين اعتبارًا من الأسبوع المقبل".