أحمد عبد الدايم: القاهرة لا تنافس الكبار بل تنسّق لدعم الاستقرار Iفيديو

قال الدكتور أحمد عبد الدايم، الأستاذ بكلية الدراسات الإفريقية، إن القارة الإفريقية أصبحت اليوم ساحة مفتوحة لتنافس شرس بين قوى دولية كبرى، تشمل الولايات المتحدة والصين وروسيا وتركيا والاتحاد الأوروبي.
وأشار أحمد عبد الدايم إلى أن هذا التنافس، الذي يبدو في ظاهره اهتمامًا متزايدًا بالقارة، يخفي خلفه أجندات استراتيجية معقدة، في مقدمتها السيطرة على الموارد الطبيعية، والتحكم في الممرات الحيوية، وبسط النفوذ الجيوسياسي على أطراف القارة.
وأوضح أحمد عبد الدايم، خلال تصريحاته لقناة "إكسترا لايف"، أن بعض اللقاءات التي جمعت مسؤولين أمريكيين بقيادات إفريقية – كاجتماع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب مع قادة أفارقة في البيت الأبيض عكست نوعًا من التعالي السياسي وعدم الفهم الحقيقي لخصوصية القارة، مؤكدًا أن هذا النهج لا يدل على اهتمام حقيقي بآفاق التعاون، بل على ممارسة ضغوط وابتزازات ترتبط بسياقات السياسة الداخلية الأمريكية.
الصين القوة الاقتصادية الأكبر
أكد أحمد عبد الدايم أن الصين باتت القوة الاقتصادية الأولى في إفريقيا، بما تملكه من استثمارات ضخمة في البنية التحتية والطاقة والنقل، بينما تسعى قوى أخرى مثل روسيا وتركيا إلى تعزيز وجودها في مجالات الأمن والدفاع والتعليم والثقافة.
وفي المقابل، شدد أحمد عبد الدايم على أن الدور المصري يختلف تمامًا عن هذا التنافس، حيث تتبنى مصر سياسة قائمة على التعاون وتنسيق الأدوار، وليس التصادم أو فرض النفوذ. وقال إن القاهرة تسعى منذ سنوات إلى دعم جهود التنمية والاستقرار في القارة، استنادًا إلى علاقات تاريخية متجذرة، ورؤية استراتيجية بعيدة المدى.
مصر وإعادة الإعمار
أشار أحمد عبد الدايم إلى أن مصر تولت ملف إعادة الإعمار والتنمية في إفريقيا بعد النزاعات المسلحة، وهو أحد الملفات الشائكة التي ازداد تعقيدها مع اتساع رقعة النزاعات داخل القارة. وأوضح أن الدولة المصرية تعمل بفعالية على إعداد خطة متكاملة لإدارة هذه المرحلة، تشمل دعم الدول المتضررة من الحروب، وتعزيز السلام المجتمعي، وإطلاق مشاريع تنموية حقيقية.
وتُعد عضوية مصر في مجلس السلم والأمن الإفريقي امتدادًا لهذه الجهود، حيث تساهم القوات المصرية في مهام حفظ السلام، وتشارك بفعالية في صياغة المبادرات والحلول الأفريقية للنزاعات الإقليمية.
القوات المصرية في مهام حفظ السلام
وفي سياق آخر، كشف أحمد عبد الدايم عن دور مصر في تنفيذ مبادرة "النبات" التي أطلقتها في إطار رئاستها لوكالة تنمية شمال إفريقيا، موضحًا أن المبادرة بدأت منذ عام 2023 وتمضي بخطى ثابتة حتى 2025. وتهدف إلى تطوير مشروعات الزراعة والتصنيع الغذائي في الدول الإفريقية، بما يساهم في تحسين الأمن الغذائي وتقليل الاعتماد على الواردات.
ولفت أحمد عبد الدايم إلى أن مصر تعمل في مجالات البنية التحتية، سواء في مشروعات الطرق أو الطاقة أو الربط الكهربائي، وهو ما يسهم في دعم التكامل الإفريقي وتعزيز قدرات القارة على تحقيق تنميتها بأيدي أبنائها.

سياسة مصر في إفريقيا
اختتم أحمد عبد الدايم تصريحاته بالتأكيد على أن السياسة المصرية في إفريقيا ترتكز على احترام السيادة الوطنية للدول، والعمل المشترك وفق أولويات الشعوب الإفريقية، وهو ما يجعل مصر شريكًا موثوقًا لدى معظم الدول في القارة.
ولفت أحمد عبد الدايم إلى أن هذا النهج يلقى قبولًا دوليًا أيضًا، حيث يرى كثير من المراقبين أن مصر تقدم نموذجًا متوازنًا لتعاون الجنوب-الجنوب، بعيدًا عن الاستغلال أو فرض الشروط، ويمثل فرصة لتعزيز الاستقرار والتنمية المستدامة في القارة السمراء.