رغم الحذر.. إيران تبدي استعدادها للتفاوض النووي مع الولايات المتحدة

أفادت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية أن مؤشرات جديدة بدأت تظهر على تحوّل في الموقف الإيراني تجاه التفاوض مع الولايات المتحدة الأمريكية، في ظل أجواء سياسية متوترة وتصعيد عسكري غير مسبوق في المنطقة.
وبحسب ما نقلته الصحيفة الأمريكية عن محللين ومراقبين سياسيين من داخل إيران وخارجها، فإن هناك توافقاً متزايداً بين دوائر صنع القرار في طهران على ضرورة إعادة إحياء المحادثات النووية مع واشنطن.
ويرى المحللين أن إيران باتت أقرب إلى خيار الدبلوماسية، رغم استعدادها للمضي في مسارات أكثر تشددًا إذا استمرت الضغوط الأمريكية.
تحركات إعلامية إيرانية نحو الفصل بين أمريكا وإسرائيل
وشهدت الأسابيع الأخيرة تحركات إعلامية مكثفة من قبل الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان ووزير الخارجية عباس عراقجي، ركزت على الفصل بين الولايات المتحدة وإسرائيل، في محاولة لتأكيد استعداد طهران للانخراط في تسوية تفاوضية مع واشنطن، رغم استمرار العداء مع تل أبيب.
ويرى مراقبون أن هذا الانفتاح يأتي نتيجة تصاعد التنافس داخل مؤسسات الحكم الإيرانية، خصوصًا بعد الضربات التي شنتها إسرائيل والولايات المتحدة الشهر الماضي، والتي أضعفت موقع دعاة المواجهة، ومنحت نفوذاً أكبر لأنصار التهدئة والانفتاح الدبلوماسي.
من جهة أخرى، صرّح مسؤول أميركي رفيع المستوى للصحيفة بأن إدارة الرئيس دونالد ترامب ترى أن طهران أصبحت أكثر تقبلاً لفكرة اتفاق دبلوماسي حول ملفها النووي، حتى بعد أن أربكت الهجمات الأخيرة مسار المحادثات بشكل كبير.
وتعزز هذا الانطباع من خلال بعض التحركات الدبلوماسية في الأيام الماضية، حيث كشف مبعوث واشنطن إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، أن المحادثات الجديدة قد تنطلق "بسرعة كبيرة، ربما في غضون الأسبوع المقبل أو ما يقاربه".
وفي السياق نفسه، قال علي أصغر شفيع، المستشار السابق لحملة بزشكيان ومدير موقع إصلاحي في طهران، إن الرئيس الإيراني تمكن خلال عامه الأول في السلطة من تكوين توافق بين مراكز القوى حول ضرورة تبني خيار التفاوضن واصفًا شفيع المرحلة الراهنة بأنها تمثل "فرصة ذهبية" لاستئناف المحادثات مع الولايات المتحدة، مؤكدًا أن إيران لديها الإرادة للتفاوض.
ورغم أن المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي لم يُدلِ حتى الآن بأي موقف رسمي تجاه فكرة العودة إلى المفاوضات، إلا أن صمته في هذا التوقيت يُفسر على أنه يتيح المجال للقيادة السياسية الحالية لتمضي في هذا المسار.
تعلسق التعاون الإيراني مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية
في سياق متصل، صوت البرلمان الإيراني بعد الضربات الأمريكية والإسرائيلية على قانون يقضي بتعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهو ما أثار قلقًا دوليًا، لكن الرئيس بزشكيان قام بتنفيذ هذا القانون مع التمسك ببنوده التي تتيح استمرار التعاون إذا تم احترام سيادة إيران وسلامة أراضيها، إلى جانب الحفاظ على حقها في تخصيب اليورانيوم.
وقد أُوكلت مهمة تقييم مدى تحقق هذه الشروط إلى المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، الذي يملك سلطة اتخاذ القرار بشأن مستقبل التعاون النووي.
ويؤكد محللون أن هذا القانون لا يشكل عقبة حقيقية أمام التوصل إلى اتفاق مستقبلي، بل يُنظر إليه كرسالة سياسية من طهران تفيد بأنها لا تسعى للتصعيد، لكنها مستعدة للرد إذا وُضعت تحت ضغط شديد.