عاجل

حسن اليداك: لا يجوز إجبار البنت على الزواج من شخص لا تريده

د حسن اليداك
د حسن اليداك

قال الدكتور حسن اليداك، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إنه لا يجوز شرعًا أن يُجبِر الأهلُ البنتَ على الزواج من شخص لا تريده، مؤكدًا أن إرغام الفتاة على الزواج بمن لا تقبله باطل شرعًا، ويُعد نوعًا من الظلم الواقع عليها.

وأشار “اليداك” خلال برنامج"  فتاوى الناس " المذاع على " قناة الناس " إلى  الحديث النبوي الشريف: “إن أبي زوَّجني من ابن أخيه ليرفع بي خسيسته، فجعل الأمر إليّ، فقلت: قد أجزت ما صنع أبي، ولكن أردت أن تعلم النساء أن ليس إلى الآباء من الأمر شيء”، موضحًا أن هذا الحديث دليل واضح على أن للمرأة الحق الكامل في قبول أو رفض من يُعرض عليها للزواج، ولا سلطان لأحد عليها في ذلك، حتى لو كان الأب.

وأضاف أن معارضة الفتاة لزواج لا ترغب فيه لا تُعَد عقوقًا بأي حال من الأحوال، بل هو حق شرعي كفله الإسلام لها، ولا يجوز للأهل أن يحملوها على ما تكره بحجة البر أو الطاعة.

وحذَّر “اليداك” من أن دعاء الأهل على أولادهم بسبب مثل هذه المواقف أمر مرفوض شرعًا، موضحًا أن النبي ﷺ نهى عن الدعاء على النفس أو الأولاد، فقال: “لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعةً يُسأل فيها عطاء فيستجيب لكم”.

وأكد أمين الفتوى بدار الإفتاء أن الزواج ميثاق غليظ، لا يقوم على الإجبار أو الإكراه، وإنما على الرضا والقبول والسكينة، داعيًا الأهالي إلى تفهُّم مشاعر بناتهم والتروي قبل اتخاذ قرارات مصيرية قد تضر بمستقبلهن النفسي والأسري

ضوابط شرعية في الاختيار عند الزواج


أوضحت دار الإفتاء الزواج هو الركيزة الأساسية التي يُبنى عليها كيان المجتمع، ولذلك وصفه الله تعالى في كتابه العزيز بأنه ميثاق غليظ، فقال سبحانه: ﴿وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا﴾ [النساء: 21]، دلالة على عِظَمه وأهميته ومكانته في الشريعة.

وانطلاقًا من هذه الأهمية، أفاض الشرع الإسلامي في بيان ضوابط هذا الميثاق، فتحدث عن القواعد التي ينبغي أن يُقام عليها الزواج، والمبادئ التي تضمن استقراره واستمراريته، كما بين الظروف التي إن وُجدت أبطلت هذا الميثاق وأزالت أثره، وفصل في أحوال كل من الزوجين بعد ذلك.

ومن أهم المرتكزات التي وجه الشرع الشريف إلى مراعاتها عند اختيار كلٍّ من الطرفين للآخر: أن يكون أساس الاختيار هو الدين والخلق، لأنهما يمثلان الضمان الداخلي الذي يدفع الإنسان إلى الوفاء بما عليه من حقوق، ويحول بينه وبين التعدي أو الظلم، أو الوقوع في المحرمات التي تفسد العلاقة وتؤدي إلى اضطرابها.

وقد دلَّت على هذا التوجيه النبوي الصريح، قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
«إذا خَطب إليكم من ترضون دينه وخُلُقه فزوِّجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض»
رواه الترمذي والبيهقي والطبراني، وهو حديث يُبين خطورة تجاهل هذا المعيار في بناء الأسرة.

وفي المقابل، أرشد النبي صلى الله عليه وسلم الرجال إلى أن يُحسنوا الاختيار كذلك، فقال عليه الصلاة والسلام:
«تُنْكَح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك»
متفق عليه.

وقد فسّر فقهاء الشافعية ذات الدين بأنها المرأة التي تتصف بالعدالة، وتحرص على أداء الطاعات، وتبتعد عن المحرمات؛ لا من اقتصرت عفتها على اجتناب الزنا فحسب.
قال الإمام شمس الدين الرملي في “نهاية المحتاج”:
”(ويُستحب دَيِّنَة) بحيث يوجد فيها صفة العدالة لا مجرد العفة عن الزنا، للحديث المتفق عليه: «فاظفر بذات الدين تربت يداك»”.

وعليه، فالمبدأ الذي أرسته الشريعة الإسلامية هو تقديم صاحب الدين والخلق في الاختيار، سواء كان رجلًا أو امرأة، مع مراعاة ما قد يُستحسن من صفات دنيوية أخرى؛ كالجمال والمال والحسب، بشرط ألا تطغى هذه الأمور على الأساس الأخلاقي والديني، الذي هو حجر الزاوية في بناء بيت مسلم مستقر ومتماسك

تم نسخ الرابط