متى يصبح الطلاق ضرورة شرعية؟ .. سعاد صالح توضح الأحكام والضوابط

خلال استضافتها في برنامج "الستات" على قناة النهار، قدمت الدكتورة سعاد صالح، أستاذ ورئيس قسم الفقه المقارن بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بجامعة الأزهر، شرحًا وافيًا حول الأحكام الشرعية المتعلقة بالطلاق، موضحة متى يصبح الطلاق ضرورة شرعية، ومتى يعد محرمًا أو مباحًا أو واجبًا، مؤكدة أن الاستسهال المجتمعي في الطلاق أصبح يشكل خطرًا على استقرار الأسرة والمجتمع.
ضرورة مشروطة بالحاجة
قالت سعاد صالح إن الطلاق في أصله حلالٌ أباحه الله سبحانه وتعالى، لكنه مشروط بوجود حاجة مُلحّة تدعو إليه، بعد استنفاد جميع سبل الإصلاح. واستشهدت بقوله تعالى: "وإن يتفرقا يُغن الله كلاً من سعته"، لافتة إلى أن الطلاق لا يكون إلا بعد فشل كل محاولات الاستمرار والمعاشرة بالمعروف.
وأضافت سعاد صالح: "الرسول صلى الله عليه وسلم قال: أبغض الحلال عند الله الطلاق، وهو ما يدل على أن الله لم يحرمه، لكنه جعله آخر الحلول"، كما نقلت عن الإمام علي بن أبي طالب قوله: يهتز له عرش الرحمن، في إشارة إلى خطورته وتأثيره العميق على الأسرة.
أنواع الطلاق في الإسلام
قسّمت سعاد صالح أنواع الطلاق إلى ثلاثة أقسام رئيسية: "الطلاق المحرّم؛ وهو الطلاق الذي يقع من دون سبب شرعي حقيقي، أو لمجرد المزاح، كما يحدث أحيانًا حين تقول الزوجة لزوجها "طلقني" فيجيبها بمزاح: "أنتِ طالق". وأكدت أن هذا النوع لا يُقبل في الشرع، مستشهدة بقول النبي: "ثلاث جدهن جد وهزلهن جد: النكاح والطلاق والرجعة".
وتابعت سعاد صالح: "الطلاق الواجب: ويكون عندما تصل الحياة الزوجية إلى طريق مسدود تمامًا، وتتعذر كل سبل الصلح، وهنا يصبح الطلاق واجبًا لرفع الضرر، مشيرة إلى الآية الكريمة: "وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها"، مشددة على ضرورة أن يكون الحكمان من أهل الطرفين لحفظ السرية والحرص على الإصلاح."
الطلاق لأسباب غير شرعية
وواصلت سعاد صالح: "الطلاق المباح (المقيد)، وهو الطلاق الذي لا يكون مفروضًا أو محرمًا، بل مباحًا، ولكن مقيدًا بشروط مثل: عدم الإضرار بالزوجة، حسن المعاشرة، والتفكير في مستقبل الأبناء، مشيرة إلى أن الطلاق حتى وإن كان مباحًا، يجب أن يكون "آخر الحلول"، ولا يتم اللجوء إليه إلا بعد دراسة متأنية لكل العواقب".
وحذرت سعاد صالح من الطلاق لأسباب واهية أو غير منطقية، مثل أن الزوجة لا تخدم أم الزوج، مؤكدة أن هذا ليس سببًا شرعيًا يبرر الطلاق، قائله: "لا يحق للرجل أن يطلق زوجته لهذا السبب، فالحياة الزوجية قائمة على المودة والرحمة لا على الإكراه والإذلال".

الوعي بخطورة الطلاق
في ختام حديثها، وجهت سعاد صالح رسالة إلى المجتمع، شددت فيها على ضرورة الوعي بخطورة الطلاق دون مبرر شرعي، موضحة أن الكلمة قد تهدم بيتًا وتُشرد أطفالًا، مضيفة أن الشرع الإسلامي، رغم إباحته للطلاق، جعله مقيدًا بضوابط مشددة حفاظًا على الأسرة، داعية الجميع للتفكير مليًا قبل اتخاذ هذا القرار المصيري.
وشددت سعاد صالح أن الطلاق لا ينبغي أن يكون أول الحلول، بل يجب أن يكون الخيار الأخير بعد فشل كافة مساعي الإصلاح والصلح، حفاظًا على الكيان الأسري واستقرار المجتمع.