تمرين ذهني يومي لتعزيز التركيز والذاكرة: اليقظة الذهنية بين يديك

في ظل تسارع نمط الحياة وتزايد مصادر التشتت، برز مفهوم اليقظة الذهنية كأداة فعالة لتحسين الصحة العقلية وتقوية الذاكرة والانتباه، وتُعد هذه الممارسة من أبسط وأسهل التمارين العقلية التي يمكن دمجها بسلاسة في تفاصيل اليوم.
وبحسب ما نشره موقع Harvard Health Publishing، فإن اليقظة الذهنية لا تتطلب أدوات أو تجهيزات خاصة، بل تعتمد على وعيك باللحظة الراهنة، وهي وسيلة مجانية وفعالة لدعم الإدراك، خصوصًا مع التقدم في العمر.
ما المقصود باليقظة الذهنية؟
يقوم هذا التمرين على التركيز التام على اللحظة الحالية، والانتباه لما يدور داخلك وخارجك دون إصدار أحكام، سواء كنت تلاحظ مشهداً، أو تسمع صوتاً، أو تشعر بإحساس معين، فإن الغاية هي مراقبة هذه التجربة كما هي، دون تحليل أو تفسير.
ويؤدي هذا التركيز إلى تنشيط استجابة الاسترخاء في الجسم، مما يساعد على تقليل إفراز هرمونات التوتر مثل الأدرينالين والكورتيزول، وبالتالي، تنخفض ضربات القلب وضغط الدم ومعدل التنفس، مما يمهد الطريق لعقل أكثر صفاءً وتركيزًا.
كيف تؤثر اليقظة الذهنية على الذاكرة؟
عندما يقل التوتر وتقل المشتتات، يكون الدماغ أكثر قدرة على التركيز، مما يُسهّل عملية تذكر التفاصيل الصغيرة مثل الأسماء، المواعيد، أو حتى معلومات قرأتها أو شاهدتها مؤخرًا.
وتظهر أبحاث عديدة أن هذه الممارسة ليست مجرد لحظة استرخاء، بل تُحدث تأثيرات طويلة الأمد في الدماغ، ففي دراسة أُجريت عام 2021 على بالغين تجاوزوا سن الستين، أظهرت نتائجها أن ممارسة اليقظة الذهنية لستة أشهر عززت قدرتهم على الانتباه، ورافقتها تغييرات ملموسة في مناطق الدماغ المسؤولة عن التركيز ومعالجة المعلومات.
لماذا نحتاج لليقظة الذهنية مع التقدم في العمر؟
تتعرض أدمغتنا بشكل طبيعي لتغيرات مع مرور الوقت، مما يُضعف القدرة على التعلم والانتباه، وقد تنتج بعض التغيرات أيضاً عن إصابات طفيفة متراكمة، مثل السكتات البسيطة أو آثار التلوث أو حتى إصابات الرأس البسيطة.
وهنا تبرز أهمية اليقظة الذهنية كأداة تعويضية ومقاومة لهذه التغيرات، فهي تُعيد تدريب الدماغ على التركيز والوعي، مستفيدة من قدراته القديمة الراسخة.
كيف تمارس اليقظة الذهنية في حياتك اليومية؟
ابدأ بخطوات بسيطة اجلس في مكان هادئ، أغمض عينيك، ركّز على تنفسك، راقب الأفكار والمشاعر والصوت من حولك دون التدخل فيها.
حول أنشطتك اليومية إلى لحظات وعي
أثناء المشي، ركّز على شكل الأشجار، ملمس الهواء، أصوات البيئة.
أثناء تناول الطعام، لاحظ الطعم، الرائحة، الملمس، وتناول كل لقمة ببطء.
أثناء التنفس، لاحظ حركة صدرك، وبرودة الهواء الداخل، ودفء الهواء الخارج.
وكلما واظبت على هذه الممارسة، أصبحت أكثر وعياً وتيقظاً للتفاصيل الدقيقة، مما يُعزز قدرتك على التذكر ويقلل من شرود الذهن.
اليقظة الذهنية ليست رفاهية، بل حاجة ملحة في عالم مزدحم بالضغوط والمشتتات. دقائق قليلة من التركيز الصافي قادرة على إحداث فرق كبير في يومك، وعقلك، وصحتك العامة.