تركيا على صفيح ساخن.. اعتقالات ومواجهات وواشنطن تدخل على الخط (تفاصيل)

اعتقلت السلطات التركية ما يقرب من 1500 شخص، من بينهم مصور تابع لوكالة الصحافة الفرنسية (AFP)، في وقت تتواصل فيه احتجاجات واسعة في مختلف أنحاء البلاد، عقب اعتقال رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، بتهم فساد، وقد نددت المعارضة بهذه الخطوة ووصفتها بأنها ذات دوافع سياسية، مما أشعل أكبر موجة مظاهرات تشهدها تركيا منذ أكثر من عقد.
وقد ردت حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان بحملة قمع شديدة، حيث تم توقيف سبعة صحفيين كانوا يغطون الاحتجاجات، وأمرت محكمة في إسطنبول بحبسهم احتياطياً، وقد أدانت منظمات حقوق الإنسان والهيئات الدولية هذه الاعتقالات والاشتباكات العنيفة بين المتظاهرين وقوات الأمن.
رغم القمع.. الاحتجاجات مستمرة
وبالرغم من القمع الأمني، لا يزال الآلاف يخرجون إلى الشوارع، مطالبين بالإفراج عن إمام أوغلو، والدعوة إلى إجراء انتخابات مبكرة. ودعا زعيم المعارضة، أوزغور أوزل، أنصاره إلى التجمع في مظاهرة حاشدة يوم السبت في إسطنبول، واصفاً الحدث بأنه "أكبر استفتاء في الهواء الطلق في التاريخ".
لماذا يحتج الناس؟
اندلعت الاحتجاجات عقب اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو في 19 مارس. ويُعد إمام أوغلو شخصية معارضة بارزة ومنافساً سياسياً أساسياً لأردوغان، ويرى كثيرون أن اعتقاله محاولة لإسكات الأصوات المعارضة قبل الانتخابات المقبلة. ومنذ ذلك الحين، امتدت المظاهرات إلى مختلف أنحاء تركيا، حيث خرج الطلاب والنشطاء ومؤيدو المعارضة للتنديد بما وصفوه بأنه "هجوم على الديمقراطية".
الولايات المتحدة تعبر عن قلقها
وعبر وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، أمس الأول، عن "قلق" واشنطن من الاعتقالات والاحتجاجات الواسعة في تركيا، بحسب ما أفاد مسؤول أمريكي.
وقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية في بيان، إن "الوزير عبّر عن مخاوفه بشأن الاعتقالات الأخيرة والاحتجاجات في تركيا"، وذلك عقب لقائه مع وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في واشنطن. وناقش الطرفان أيضًا التعاون في مجالي الأمن والتجارة.
قمع حكومي واستهداف للإعلام
وتبنّت السلطات التركية موقفًا متشددًا تجاه الاحتجاجات، حيث أعلنت وزارة الداخلية، على لسان الوزير علي يرليكايا، اعتقال 1418 شخصًا بتهمة "المشاركة في مظاهرات غير قانونية"، واستخدمت قوات مكافحة الشغب خراطيم المياه والغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي لتفريق الحشود، مما أدى إلى وقوع اشتباكات عنيفة، ووصف أردوغان المتظاهرين بأنهم يمارسون "إرهاب الشوارع"، متوعدًا باتخاذ إجراءات صارمة ضدهم.
كما استهدفت السلطات الصحفيين الذين كانوا يغطون الأحداث، وتم سجن سبعة منهم، من بينهم مصور وكالة الصحافة الفرنسية، ياسين أكغول، وأدانت الوكالة اعتقاله بشدة، مؤكدة أنه كان يقوم بعمله الصحفي فقط ولم يشارك في المظاهرات، وكتب رئيس مجلس إدارة الوكالة، فابريس فريس، في رسالة إلى الرئاسة التركية: "حبسه غير مقبول".
خطوة المعارضة التالية: مظاهرة ضخمة في إسطنبول
وأعلن حزب الشعب الجمهوري (CHP)، الذي يقوده أوزغور أوزل، عن تنظيم مظاهرة جماهيرية في حي مال تبه بإسطنبول يوم السبت، وقال أوزل في كلمته للمتظاهرين: "لقد طفح الكيل.. ونطالب بانتخابات مبكرة"، داعيًا المواطنين إلى الوقوف ضد ممارسات الحكومة.
كما قامت المعارضة بتعيين قائم بأعمال رئيس بلدية إسطنبول، لمنع الحكومة من تعيين بديل موالٍ لأردوغان بدلاً من إمام أوغلو.
ردود فعل دولية
وأثارت الأزمة المتصاعدة قلقًا دوليًا واسعًا، فقد انتقدت الأمم المتحدة "الحظر الشامل غير القانوني" الذي تفرضه تركيا على التظاهرات، ودعت إلى التحقيق في مزاعم استخدام مفرط للقوةن كما أدان مجلس أوروبا ما وصفه بـ"الاستخدام غير المتناسب للقوة"، ووصفت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الوضع بأنه "زمن مظلم للديمقراطية" في تركيا.
وفي واشنطن، جدد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو قلق بلاده من حملة الاعتقالات والقمع خلال لقائه مع وزير الخارجية التركي، لكن إدارة أردوغان لم تُبدِ أي مؤشرات على التراجع عن موقفها حتى الآن.