روشتة زواج سعيد.. مصطفى عبد السلام: التفاهم والتنازل مفتاحا السكينة

أكد الشيخ مصطفى عبد السلام، إمام وخطيب جامع عمرو بن العاص، أن الزواج ليس مجرد عقد بين رجل وامرأة، بل هو "ميثاق غليظ" وصفه الله تعالى في القرآن الكريم، مشيرًا إلى أن الله لم يستخدم هذا الوصف في أي عقد آخر، مثل عقود البيع أو الإيجار أو الشراكة.
وأوضح مصطفى عبد السلام، خلال لقائه ببرنامج "الستات ميعرفوش يكدبوا" على قناة CBC، أن المرأة تتنازل عن الكثير من حريتها وخصوصيتها حين تقبل الحياة مع رجل في بيت واحد، وكذلك الرجل يترك بعض عاداته وحريته المطلقة، لذا فإن هذا العقد يتطلب احترامًا متبادلًا ومسؤولية كبيرة من الطرفين.
الزواج عقد تنازل.. لا عقد سلطة
وصف مصطفى عبد السلام الزواج بأنه عقد تنازل مشترك، وليس عقد سلطة أو هيمنة، مؤكدًا أن من أسرار السعادة الزوجية أن يدرك كل طرف أن الحياة لا تمضي بالندية أو العناد. وقال إن التنازل لا يعني الضعف، بل هو من مظاهر الحكمة والوعي، فكما يقال: "لا أحد كامل، وكل بني آدم خطّاء"، مضيفًا: "الزوج ليس ملاكًا، والزوجة ليست معصومة.. فلا بد من مساحة للتغافل والتسامح".
أشار مصطفى عبد السلام إلى أن المرونة والتفاهم هما المفتاح الأساسي للحفاظ على جو من المودة والرحمة داخل البيت، وهو ما أمر به الإسلام، مشددًا على أهمية تقبّل الاختلافات بين الطرفين، وعدم تضخيم الأخطاء أو الوقوف على الهفوات الصغيرة.
وأضاف مصطفى عبد السلام أن الغضب وارد في لحظات الانفعال، سواء من الزوج أو الزوجة، وهنا تظهر قيمة العذر والتسامح، فحين يخطئ أحدهما، يجب على الآخر أن يلتمس له العذر ويمنحه فرصة للتصحيح، بدلاً من اتخاذ موقف حاد أو دائم.
التغاضي فن .. والعتاب بحكمة
وشدد مصطفى عبد السلام على ضرورة أن تكون هناك مساحة من التغاضي داخل البيت، بحيث لا يتحول كل خطأ بسيط إلى خلاف كبير، قائُلا: "لو كل طرف وقف للآخر على كل غلطة، مش هتستمر الحياة … لازم أحيانًا أعمل نفسي مش شايف، وأتجاوز، لأن الهدف هو الحفاظ على استقرار البيت".
وأكد مصطفى عبد السلام أن التغاضي لا يعني تجاهل المشاكل الكبرى، وإنما يشير إلى التحكم في ردود الفعل، وتحديد الوقت المناسب للنقاش والتوجيه، حتى لا تتفاقم المشكلات أو تتراكم الأحقاد بين الزوجين.

الإسلام دين السكينة والرحمة
في ختام حديثه، شدد الشيخ مصطفى عبد السلام على أن الإسلام وضع قواعد واضحة لتحقيق حياة زوجية ناجحة، قائمة على السكينة والمودة والرحمة، داعيًا الأزواج إلى التأسي بسيدنا محمد ﷺ، الذي كان نموذجًا في تعامله مع زوجاته بحكمة ولين ورحمة.
وأوضح مصطفى عبد السلام أن الحياة الزوجية رحلة تشاركية، وليست ميدانًا للصراع أو الانتصار، ومن يدرك هذه المعاني ويطبقها، يعيش حياة مستقرة مليئة بالحب والطمأنينة.