أيمن غنيم: الولايات المتحدة تواجه تحديات كبيرة في ظل النمو الاقتصادي للصين

في ظل التحولات الاقتصادية الكبرى التي يشهدها العالم، أكد الدكتور أيمن غنيم، أستاذ إدارة الأعمال، أن الصراع التجاري بين القوى الاقتصادية الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة والصين، أصبح يشكل تهديدًا جديًا للهيمنة الأمريكية في الأسواق العالمية. ويعكس هذا الصراع التغيرات العميقة في نماذج التجارة الدولية والتي كانت في السابق تُدار وفقًا لمبادئ الاقتصاد الحر.
وفي تصريحات خاصة له عبر قناة "إكسترا نيوز"، أوضح غنيم أن الولايات المتحدة التي كانت في العقود الماضية المدافع الأول عن سياسات التجارة الحرة، قد وجدت نفسها اليوم أمام تحديات ضخمة نتيجة لنمو الاقتصاد الصيني المتسارع. ولفت إلى أن الولايات المتحدة التي كانت تسعى إلى تحرير القيود التجارية والتنظيمية تحت شعار "دعه يعمل، دعه يمر"، تواجه اليوم تغيرات جذرية في ميزان التجارة العالمي.
وأشار غنيم إلى أن الولايات المتحدة تبنت في السابق مبدأ "دعه يعمل، دعه يمر"، الذي كان يدعو إلى تحرير التجارة والسماح للدول بالتخصص في إنتاج السلع التي تتمكن من إنتاجها بأعلى كفاءة وأقل سعر. ولكن، ومع تصاعد القوة الاقتصادية الصينية، أصبح هذا النموذج يشكل عبئًا على الولايات المتحدة. وأوضح أن تصاعد التنافسية الصينية في العديد من الصناعات مثل التكنولوجيا والصناعات الثقيلة قد ساهم في تغيّر ميزان القوة الاقتصادية، مما يهدد سيطرة الولايات المتحدة على الأسواق العالمية.
معدلات نمو متسارعة
ونوه أن الصين اليوم تُحقق معدلات نمو متسارعة، ففي الفترة من 1980 إلى 2010، كانت الصين تحقق نموًا بمعدل متوسط 10% سنويًا، وفي الفترة من 2010 إلى 2019 تراجع النمو إلى 7.7%، ولكن حتى من 2019 وحتى الآن، لا يزال الاقتصاد الصيني يحقق نموًا قويًا بنسبة 5.5%، أما اليوم، الصين أصبحت أكبر اقتصاد تصديري في العالم، حيث بلغت صادراتها نحو 3.3 تريليون دولار في العام الماضي، متفوقة بذلك على الولايات المتحدة التي جاءت في المرتبة الثانية بصادرات قيمتها 3 تريليون دولار.
الأزمة التجارية الأمريكية الصينية
وتابع:" الولايات المتحدة تعاني من عجز تجاري كبير مع الصين، يصل إلى نحو 300 مليار دولار سنويًا، حيث تبلغ صادرات الصين إلى الولايات المتحدة حوالي 440 مليار دولار، في حين أن صادرات الولايات المتحدة إلى الصين لا تتجاوز 140 مليار دولار»، منوهًا إلى أن هذا العجز التجاري هو أحد الأسباب الرئيسية التي دفعت الولايات المتحدة إلى اتخاذ إجراءات اقتصادية مشددة، مثل فرض الرسوم الجمركية، وهو ما أثر سلبًا على الاقتصاد الأمريكي.
الآثار المحتملة على الاقتصاد العالمي
وأشار إلى أن هذه السياسات التجارية قد تؤدي إلى آثار سلبية على الاقتصاد الأمريكي نفسه، حيث من المتوقع أن تزيد معدلات التضخم نتيجة لفرض الرسوم الجمركية، وهو ما سيقلل من قدرة البنك المركزي الأمريكي على خفض أسعار الفائدة، وبالتالي قد تؤدي إلى زيادة تكلفة السيولة في السوق الأمريكي، أما بالنسبة للصين، فهي تملك أوراقًا اقتصادية عديدة تمكنها من الصمود في مواجهة هذه الضغوط، حيث استطاعت تجاوز العديد من الأزمات الاقتصادية، بما في ذلك أزمة كورونا، وعادت بقوة إلى الساحة الاقتصادية العالمية، كما أن الصين تسعى إلى تعزيز تحالفاتها مع دول أخرى عبر مجموعة "بريكس" التي تضم اقتصادات ناشئة هامة.