مكتبة الإسكندرية تناقش مشكلات صناعة النشر في مصر خلال ندوة بمعرض الكتاب

نظمت مكتبة الإسكندرية، اليوم الأربعاء ندوة بعنوان "مشكلات صناعة النشر في مصر"، وذلك على هامش فعاليات معرض الإسكندرية الدولي للكتاب 2025. حضر الندوة عدد من الشخصيات البارزة في مجال الثقافة والنشر، حيث كان من بينهم حلمي النمنم؛ وزير الثقافة الأسبق، والأستاذ فريد زهران؛ رئيس اتحاد الناشرين المصريين، بالإضافة إلى الأستاذ محمود عبد النبي؛ عضو مجلس إدارة اتحاد الناشرين المصريين، الذي قدم الندوة.
الندوة تناقش تحديات صناعة النشر
أشاد فريد زهران، رئيس اتحاد الناشرين المصريين، بالموضوع الذي تم اختياره للندوة، معتبرًا أن اختيار مفهوم "صناعة النشر" في العنوان جاء في توقيت مهم، حيث يواكب النقاشات الحالية حول قانون اتحاد الناشرين. وأشار زهران إلى أن هناك مشكلة تتعلق بكيفية فهم مفهوم النشر في مصر، حيث يُنظر غالبًا إلى الناشر على أنه تاجر، وهو ما يُعد نظرة غير دقيقة، مشيرًا إلى أن النشر ليس مجرد تجارة، بل هو صناعة مكتملة الأركان تتطلب إدراكًا كاملاً لمكوناتها.
مساحة الحرية المتاحة
وتحدث "زهران" عن المشكلات التي تواجه صناعة النشر؛ وأولها مساحة الحرية المتاحة إذ أن الكتاب عمل إبداعي يحتاج الحرية لأن القيود تجعل الابداع يتراجع، والمشكلة الثانية قانون حقوق الملكية الفكرية، معتبرًا أن فرض غرامة قدرها ٥٠٠ جنيه فقط لتزوير الكتب غير كافية لردع المخالفين.
وأوضح "زهران" أن المشكلة التالتة تتمثل في عدم وجود علاج لغلاء مستلزمات صناعة النشر في ظل تعرض الناشر لمنافسة غير عادلة بسبب دعم الدولة لدور النشر الخاصة بها، مما يظهر الناشر كما لو أنه يغالي في أسعار الكتب، مشيرًا إلى أن الكتاب سعره مرتفع في مصر والعالم أجمع ولكن في الخارج توصلوا إلى حل لهذه الأزمة من خلال قيام المكتبات العامة بشراء الكتب من دور النشر وإتاحتها بالمجان للقراء فيما يقوم المهتمين بشراء الكتاب رغم ارتفاع سعره.
القوانين الحالية بها تناقضات
وأضاف "زهران" أن هذا الإجراء أوجد حلًا للناشر وكذلك أتاح الكتاب للقارئ، مؤكدًا أن مصر بها ٤ آلاف مركز شباب وآلاف المدارس، كما أن أغلب المؤسسات على رأسهم مؤسسة الأزهر الشريف والكنيسة المصرية لديها مكتبات عامة، في حال شراء كل هذه المؤسسات الكتاب سوف تحل الأزمة.
وأشار "زهران" إلى أن من ضمن الكوارث التي تهدد صناعة النشر قيام كل مؤسسة ثقافية باعتبار نفسها ناشرة تنافس دور النشر الأخرى، متسائلًا عن سبب عدم تعاون هذه المؤسسات مع دور النشر ويكون على الأولى اختيار موضوعات الكتب وتتولى الثانية مهمة النشر، مختتمًا بالتأكيد على أن القوانين الحالية بها تناقضات وتحتاج إلى تعديل.
فيما وجه حلمي النمنم، الشكر إلى مكتبة الإسكندرية لحفاظها على التقليد السنوي بإقامة معرضها الدولي للكتاب واستمراره للدورة العشرين، مشيدًا باختيار مصطلح "صناعة النشر" كونه مسألة مهمة لأن الصناعة معناها وجود أسس ومدخلات بالإضافة إلى قدر من الحرية للإبداع والمنافسة.
وأشار "نمنم" إلى أن مشكلات صناعة النشر تنقسم إلى قسمين، الأول يصلُح أن يطلق عليه أشباه مشاكل مثل غلاء أدوات صناعة النشر والتي يمكن تعويضه من سعر الكتاب، وهناك مشكلات أخرى أكثر عمقًا وعلى رأسها القوانين التي صيغت في ظروف سياسية واجتماعية مختلفة، والتي ينبغي إعادة النظر فيها بمشاركة اتحاد الناشرين ومجلسي الشورى والنواب.
وأكد "النمنم" على أنه رغم كل مشاكل صناعة النشر في مصر إلا أنها مزدهرة في الوقت الحالي، داعيًا إلى تنشيط معارض الكتب في الجامعات المصرية وغيرها من المؤسسات، مضيفًا أن مصر بها ٢٠٤ جامعة و٢٠٠ مدينة لذا لابد من إقامة ٤٠٠ معرض على الاقل، وهو ما يساهم في تنشيط الحياة الثقافية، ويحقق مبيعات للكتب، كما يحقق العدالة الثقافية في المحافظات والمدن البعيدة عن العاصمة وهى مسألة غاية في الأهمية لابد من الانتباه لها.
ارتفاع سعر الكتاب
وحول ارتفاع سعر الكتاب، أوضح "النمنم" أن مصر بها ٢٨ ألف مبنى مدرسي مما يعني ٢٨ ألف مكتبة، و٤ ألاف مركز شباب، و٦٠٠ قصر ثقافي، و٢٩ مكتبة عامة تابعة لدار الكتب، في حال نشر الكتب في هذه الأماكن سوف تُحل إشكالية ارتفاع الأسعار، مشيرًا إلى مشكلة أكبر وهي غياب الأمانة العلمية والفكرية وهي أخطاء يقع فيها الكُتاب والناشرين يجب أن تتوقف لأنها تضلل الأجيال الجديدة وتسئ لصورة مصر ليس فقط في المنطقة العربية وإنما في العالم أجمع.
وانتقد "النمنم" ما وصفه بالتسطيح الذي أصبح منتشر في الوقت الحالي ولا يوجد من أصبح يريد بذل مجهود فكري لذا لابد من وجود لجنة ثقافية داخل كل دار نشر حتى يكون الناشر شريك، كما دعا الناشرين إلى تحديد موضوعات وتكليف الكُتاب يتناولها، مختممًا بأن الكتاب سلعة استراتيجية هامة وينبغي أن تدخل صناعته ضمن الميزانية العامة للدولة رغم صعوبة هذا الأمر لأن كل برلمانات العالم لا تتعاطف مع القضايا الثقافية ولكن لابد من الضغط لتنشيطها.