عقب أشهر من الهدوء.. الحوثيون يشعلون البحر الأحمر بهجمات مدمرة

عقب أشهر من الهدوء النسبي، عاد جماعة الحوثيون إلى تنفيذ هجمات بحرية مميتة في البحر الأحمر، حيث استهدفوا خلال الأيام الماضية سفينتين تجاريتين، ما أسفر عن غرق إحداهما ومقتل عدد من أفراد طاقم الأخرى.

تصعيد جديد يهدد بإشعال الصراع مجددًا
الهجوم الأول وقع يوم الأحد واستهدف سفينة الشحن “Magic Seas”، التي ترفع العلم الليبيري وتملكها شركة يونانية.
وقد أفادت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية (UKMTO) بأن الزوارق الصغيرة أطلقت النار على السفينة باستخدام أسلحة خفيفة وقذائف "آر بي جي"، فيما أكد متحدث باسم الحوثيين لاحقًا أن الهجوم نُفذ باستخدام صواريخ ومسيرات، وأدى إلى إصابة مباشرة وغرق السفينة.

الهجوم الثاني
أما الهجوم الثاني، فوقع بعد أقل من 24 ساعة، واستهدف سفينة الشحن "Eternity C"، التي ترفع هي الأخرى العلم الليبيري وتديرها شركة يونانية.
السفينة "Eternity C"، التي كانت تحمل شحنة تجارية في طريقها عبر البحر الأحمر، تُعد أحدث ضحية في سلسلة من الهجمات التي تشنها جماعة الحوثي على السفن المرتبطة – بحسب مزاعمها – بإسرائيل أو الداعمة لها.
وقد تزامن الهجوم مع حادثة أخرى مشابهة قبل يوم واحد فقط، استهدفت السفينة "Magic Seas"، ما يعكس تصعيدًا متعمدًا ضد حركة الملاحة في المنطقة.
وقالت بعثة "أسبيديس" الأوروبية، وهي القوة الأوروبية المكلفة بحماية الملاحة في البحر الأحمر، إن الهجوم يُعد من أخطر الاعتداءات حتى الآن، ويشكّل تصعيدًا خطيرًا في المنطقة.

تفاصيل الاستهداف
وأوضح أحد مسؤولي البعثة أن أربعة زوارق سريعة تقل مسلحين اقتربت من السفينة وهاجمتها بقذائف مضادة للدروع، إلى جانب استخدام طائرات مسيّرة من دون طيار.
وأسفر الهجوم عن مقتل أربعة من أفراد الطاقم وإصابة اثنين آخرين، فيما تُركت السفينة في حالة انجراف وسط البحر الأحمر.
ووفقًا لتقارير متقاطعة، فقد نُفذ الهجوم باستخدام زوارق سريعة وطائرات مسيّرة انتحارية وصواريخ محمولة على الكتف، ما ألحق أضرارًا جسيمة بجسم السفينة وتسبب في اندلاع حرائق وفقدان السيطرة على التوجيه .
عمليات الإنقاذ البحرية
وفيما أكدت عمليات الإنقاذ البحرية أنه تم انتشال عدد من أفراد الطاقم ونقلهم إلى مناطق آمنة، أشارت مصادر إلى أن بعض البحّارة أُجبروا على القفز في المياه بعد اشتعال النيران بالسفينة وفقدان زوارق النجاة، قبل أن تعلن السلطات لاحقًا غرق السفينة بالكامل.
حتى الآن، لم يصدر إعلان رسمي من الحوثيين بتبنّي الهجوم على Eternity C، إلا أن السفارة الأمريكية في اليمن، التي تعمل حاليًا من السعودية لدواعٍ أمنية، وصفت الهجوم بأنه "الأعنف حتى الآن"، واتهمت الحوثيين بـ"الاستهتار الصارخ بالأرواح البشرية".
الهجوم على Magic Seas
من جانبها، عبّرت بعثة الاتحاد الأوروبي عن قلقها البالغ، مشيرة إلى أن الهجوم على Magic Seas "عرّض حياة الطاقم للخطر واضطرهم للإخلاء العاجل"، وأضافت أن السفينة كانت مهددة بالغرق، مما كان يمكن أن يتسبب في "كارثة بيئية كبرى".
وأكد الاتحاد الأوروبي أن الهجوم هو الأول من نوعه على سفن تجارية في عام 2025، ووصفه بأنه "تصعيد خطير يهدد أمن الملاحة في ممر مائي حيوي على المستويين الإقليمي والعالمي".
هل تعني هذه الأحداث عودة الحوثيين كقوة بحرية؟
بعد أكثر من 7 أشهر من التراجع النسبي في العمليات البحرية الحوثية (منذ ديسمبر 2024)، هذان الهجومان يشيران إلى أنها استُأنفت بقوة وتنوع في الأسلحة (زوارق انتحارية، مسيرات، صواريخ دون طيار)، وهو ما لم يكن ظاهرًا بنفس القوة سابقًا .
استخدام أساليب هجومية هجينة ومتطورة مثل USVs إلى جانب وسائل تقليدية يجعلها أكثر فعالية في إغلاق مضيق باب المندب وإلحاق الضرر بالسفن التجارية.
هذه الحملة تشير إلى أن الحوثيين يمتلكون القدرة الردعية لتنفيذ عمليات بحرية موجهة، وليس مجرد عمليات رمزية كما في فترات التراجع.
يُظهر الهجومان الأخيران (Magic Seas وEternity C)، خلال يومين فقط (6‑7 يوليو 2025)، عودة الحوثيين كمصدر أمني بارز في مياه البحر الأحمر.
تكتيكية هجينة من مسيرات وزوارق انتحارية وصواريخ
الهجمات أظهرت قدرة تكتيكية هجينة من مسيرات وزوارق انتحارية وصواريخ، لتجميد حركة الملاحة وتكبيد خسائر بشرية ومادية.
الدوافع الحوثية مرتبطة بالتوتر الإقليمي حول غزة وإيران، والردود شملت انتشار بحري غربي وضربات جوية إسرائيلية وانتقادات دولية. هذا التصعيد يظهر أن الحوثيين باتوا أكثر جرأة واستعداداً لتوسيع نطاق عملياتهم البحرية.
ويبدو أن البحر الأحمر، الشريان الحيوي الرابط بين آسيا وأوروبا عبر قناة السويس، بات اليوم على فوهة بركان مفتوح، في وقت ترتفع فيه تكاليف التأمين على السفن، وتتزايد تحذيرات شركات الملاحة العالمية من مخاطر المرور في هذه المنطقة المضطربة.