إنجاز علمي جديد: رسالة ماجستير تبرز دور المؤثرين في تشكيل وعي الشباب البيئي

منحت كلية الدراسات العليا والبحوث البيئية بجامعة عين شمس، درجة الماجستير للباحث محمود أحمد محمد محمد (وشهرته: محمود أبو حبيب) عضو المركز الإعلامي للأزهر الشريف، بدرجة امتياز مع التوصية بتبادلها بين الجامعات، عن رسالته: «تناول المؤثرين بمواقع التواصل الاجتماعي لقضايا البيئة وعلاقتهُ بمعارف واتجاهات الشباب نحوها».
نجاح بحثي لمحمود أبو حبيب: ماجستير يكشف أثر المؤثرين على اتجاهات الشباب البيئية ويوصى بتبادلها بين الجامعات
وقد تكونت لجنة المناقشة والحكم من: الدكاترة/ محمود حسن إسماعيل أستاذ الإعلام بكلية الدراسات العليا للطفولة، حنان السيد زيدان أستاذ الصحة النفسية المساعد ورئيس قسم العلوم التربوية والإعلام البيئي، هاني محمد شاكر أستاذ مساعد بكلية التربية النوعية، أشرف مصطفى أحمد شلبي أستاذ الإعلام وثقافة الأطفال المساعد، عبدالجواد محمود عبدالجواد مستشار وزير البيئة السابق.
تناولت الدراسة في فصلها الأول: الإطارين النظري والمنهجي اللذان شكّلا الأساس لهذه الدراسة، وسلط هذا الفصل الضوء على أهمية دور المؤثرينَ عبرَ مواقعِ التواصل الاجتماعي، في ظلِّ تزايدِ القلقِ العالميِّ تجاهَ المخاطرِ البيئيةِ، وبحسب تقرير لمعهد "رويترز" عن الإعلام الرقمي الذي صدر في عام 2023م حول مواقف الجمهور وسلوكياتِهم تجاه الأخبار، أظهر التقريرُ أن 22% فقط يقومون بتصفح الأخبار عن طريق مواقعٍ إخبارية أو تطبيقاتٍ للأخبار، وهو ما يعد تراجعًا بنسبة 10% عن عام 2018.
تأتي أهمية الدراسة من خلال محورين أساسين وهما كالتالي:
الأهمية النظرية بحيث يمثل الربط بين محتوى المؤثرين والمعارف والاتجاهات البيئية للشباب طرحًا علميًا مبتكرًا يلبي حاجة ملحة للتوعية البيئية.
الأهمية التطبيقية: إذ تسهم الدراسة في تقديم صورةٍ أكثرَ وضوحًا حول متابعة الشباب للمضامين البيئية التي يتناولها المؤثرون بمواقع التواصل الاجتماعي وتأثير ذلك على سلوكهم وقناعاتهم البيئية.
وهدفت الدراسةُ بشكلٍ رئيس إلى رصدِ كيفيةِ تناولِ المؤثرينَ للقضايا البيئيةِ، وعلاقةِ هذا التناولِ بمعارفِ واتجاهاتِ الشبابِ نحو البيئةِ وقضاياها المختلفةِ. ولتحقيقِ هذا الهدفِ العام، سعت الدراسةُ، في شقّيها التحليليِّ والميدانيِّ، إلى تحقيقِ مجموعةٍ من الأهدافِ الإجرائيةِ:
ففي شقِّها التحليليِّ، هدفت الدراسة إلى تحديدِ أبرزِ القضايا البيئيةِ المطروحةِ بمحتوى المؤثرين، وأهدافِ تناولهم لها، إضافة إلى طبيعةِ التناولِ والسماتِ اللغويةِ المستخدمة في عرض المحتوى البيئي، وتحديد مصادرِ المعلوماتِ والتقنياتِ الرقمية المستخدمةِ، وفي شقِّها الميدانيِّ، سعت الدراسة إلى قياسِ مدى متابعةِ الشبابِ وثقتِهم في المضامينِ البيئيةِ بحسابات المؤثرين، والكشفِ عن القضايا البيئية الأكثرِ متابعةً، بالإضافة تحديدِ الاتجاهاتِ والتأثيراتِ (المعرفيةِ والوجدانيةِ والسلوكيةِ) الناتجةِ عن هذهِ المتابعةِ.
وقد ركزت هذه الدراسة في الإجابة على السؤال الرئيس التالي: ما كيفية تناول المؤثرين بمواقع التواصل لقضايا البيئة ومعارف واتجاهات الشباب نحوها؟
حيث سعت الأسئلة التحليلية إلى معرفة القضايا البيئية التي تتناولها المؤثرون، وأهدافهم من وراء هذا التناول، وطبيعة المحتوى والسمات اللغوية المستخدمة، ومصادر المعلومات والتقنيات الرقمية التي اعتمدوا عليها في عرض المحتوى البيئي.
بينما سعت الأسئلة الميدانية لاستكشاف مدى متابعة الشباب للمحتوى البيئي بحسابات المؤثرين ودرجة ثقتهم به، وأبرز القضايا البيئية التي يتابعونها، ودوافعهم وراء هذه المتابعة، وتأثير المحتوى على تشكيل اتجاهاتهم، إضافة إلى التأثيرات المعرفية، الوجدانية، والسلوكية التي تنتج عن متابعتهم للمضامين البيئية
تنتمي هذه الدراسةُ إلى جملةِ الدراسات الوصفية، التي تهدف إلى وصف وتحليل وتقويم خصائص ظاهرة محددة أو مجموعة معينة كما هي قائمة في الواقع، واعتمدت الدراسة على منهج المسح الإعلامي باعتباره جهداً علمياً منظماً يساعد في الحصول على المعلومات والبيانات الخاصة بالظاهرة التي يتم دراستها.
واستعانت الدراسة بمنهج المسح بالعينة في شقِّها التحليلي: لتحليل المحتوى البيئي المقدم من قبل المؤثرين بمواقع التواصل الاجتماعي.
كما استعانت بذات المنهج في شقِّها الميداني: لجمع بيانات شاملة حول تفاعل الشباب ومعارفهم واتجاهاتهم البيئية.
وقد تبنت هذه الدراسة إطارًا نظريًا مزدوجًا، من خلال الاعتماد على نظريتين:
النظرية الأولى: نظرية الاعتماد على وسائل الإعلام: وفي سياق هذه الدراسة، استخدمت هذه النظرية لتفسير مدى اعتماد الشباب على المؤثرين كمصدر للمعلومات وتفسير ما ينتج عن هذا الاعتماد من آثار معرفية (إزالة الغموض، تكوين الاتجاهات)، ووجدانية (المشاعر والعواطف)، وسلوكية (التنشيط أو الخمول).
النظرية الثانية: نظرية الاعتماد على وسائل الإعلام: وطبقت هذه النظرية لفهم دوافع الشباب في متابعة المحتوى البيئي للمؤثرين، والإشباعات المتحققة نتيجة هذه المتابعة.
وقد ركزت الدراسة التحليلية على موقع فيسبوك، نظرًا لانتشاره الكبير في مصر، فوفقًا لإحصائيات عام 2024، بلغ عدد مستخدمي فيسبوك في مصر 45.09 مليون مستخدم (We Are Social، 2024).
وقد طبقت الدراسة على عينة عمدية من حسابات المؤثرين بموقع فيسبوك، شملت: الدحيح (أحمد الغندور)، زي الكتاب ما بيقول (أحمد سلامة)، شارع العلوم (عبد الله عدنان) وتم تحليل المحتوى البيئي لهذه الحسابات على مدار ثلاث سنوات، من 1 نوفمبر من العام 2021 إلى 30 أكتوبر من العام 2024.
بينما تكون مجتمع الدراسة الميدانية من الشباب المصري الذين تتراوح أعمارهم بين عام 18 و29 عامًا، والذي بلغ إجمالي عددهم 21.1 مليون نسمة في مصر عام 2024 (الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، 2024)، وتم تطبيق الدراسة الميدانية على عينة عمدية قوامها 400 مفردة من الشباب المستهدف.
وقد استعان الباحث في الدارسة التحليلية باستمارة تحليل المضمون: لفحص عينة من المحتوى البيئي للمؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي، بينما استعان في الدراسة الميدانية بالاستبانة: لجمع البيانات من عينة الدراسة، روعي في تصميمها تغطية جميع محاور الدراسة.
وفي الفصل الثاني الذي جاء بعنوان "الإنسان والبيئة في عصر الإعلام الرقمي" تناول الباحث علاقة الإنسان بالبيئة في سياق التحولات التكنولوجية المتسارعة التي يشهدها العالم، مستعرضاً الفرص والتحديات التي يفرضها هذا العصر على الوعي والسلوك البشري البيئي.
وتوصلت الدراسة التحليلية إلى عددٍ من النتائج المهمة منها: وجود توافق بين أجندة المؤثرين- عينة الدراسة- في تناول القضايا البيئية، حيث جاءت قضايا: الاحتباس الحراري، والتغيرات المناخية، في صدارة القضايا البيئية، تليهما قضايا: التنوع البيولوجي، والتصحر، وقضايا التلوث والنفايات على الترتيب، كما توصلت الدراسة إلى أن أكثر الطرق التي اعتمد عليها المؤثرون في تناول القضايا البيئية كانت التحليل والاستشهاد بفارقٍ كبير عن الطرق الأخرى وهي: الحوار، عرض القضية فقط.
كما أظهرت الدراسة التحليلية تنوعًا في أهداف المضامين البيئية لدى المؤثرين، وكان الهدف الأكثر بروزًا في هذه المضامين هو التوعية والتثقيف، ثم جاءت المضامين التي تهدف إلى التحذير والتنبيه في المرتبة الثانية، ثم المضامين التي تهدف إلى توجيه الرأي العام بأهمية المحافظة على البيئة، كما كشفت الدراسة أن المؤثرين استخدموا استراتيجية التوليف بين الاستمالات العاطفية والعقلية في عرضهم للمضامين البيئية.
وعن النتائج الميدانية للدراسة، جاءت قضايا التغيرات المناخية في مقدمة القضايا البيئية التي يتابعها الشباب بحسابات المؤثرين، وكشفت عن تنوع دوافع الشباب في متابعة القضايا البيئية وجاء في مقدمة الدوافع التعرف على أحداث القضايا البيئية، ثم الحصول على نصائح للحياة المستدامة، ثم التعرف على حلول عميلة للمشكلات البيئية، ثم دعم القضايا البيئية التي أومن بها، كما توصلت الدراسة إلى أن اتجاهات الشباب نحو المضامين البيئية في محتوى المؤثرين جاءت إيجابيةً بمعدل مرتفع، وكانت النسبة الأكبر لتوضيح المفاهيم البيئية بطريقة سهلة، تلاه "تسهم في زيادة الوعي"، كما توصلت الدراسة إلى أن معارف الشباب الناتجة عن تعرضهم لمحتوى المؤثرين في مواقع التواصل الاجتماعي لقضايا البيئة، جاءت إيجابية بشكل كبير.
توصيات الدراسة
بناء على ما توصلت إليه نتائج الدراسة في شقيها: التحليلي والميداني، يوصي الباحث بالآتي:
1- تأطير عمل المؤثرين ضمن المنظومة الإعلامية الرسمية: من خلال استِحداثُ جهة في الهيئات الإعلامية، للإشراف على مُقدِّمي المحتوى الرقمي بمواقع التواصل الاجتماعي؛ لضمان التزامهم بأخلاقيات المهنة.
2- قيام المؤثرين بإجراء استطلاعاتٍ دورية: لفهم اهتمامات وتفضيلات الجمهور، على أن تشمل هذه الاستطلاعات جوانب متنوعة مثل العناصر الجذابة في المحتوى، وأنواع الموضوعات التي يوليها الجمهور اهتمامًا خاصًا، والدوافع وراء تفاعلهم مع مختلف القضايا.