مفتي الجمهورية: تعدد مصادر التشريع الإسلامي يؤكد مرونته وصلاحيتها لكل زمان ومكان

أكد فضيلة الأستاذ الدكتور نظير عياد -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم- أن تعدد مصادر التشريع الإسلامي يُظهر رحمة الله بعباده ويؤكد مرونة الشريعة وصلاحيتها لكل زمان ومكان. جاء ذلك خلال حديثه الرمضاني، حيث أشار إلى أن الله تعالى لم يجعل مصدر التشريع واحدًا، بل تنوعت المصادر لتيسير الأحكام ورفع المشقة عن الناس، استنادًا لقوله تعالى: {لا يُكلفُ الله نفسًا إلا وُسعَها} [البقرة: 286]، وقوله: {يريدُ اللهُ بكم اليُسرَ ولا يُريدُ بكم العُسر} [البقرة: 185].
وأوضح فضيلته أن هذه التعددية تشجع على الاجتهاد والبحث، وتفتح أبواب الخير والهداية، مما يعكس قدرة الشريعة الإسلامية على استيعاب متغيرات الحياة.
العلماء الثقات ودورهم في فهم النصوص الشرعية
أشار مفتي الجمهورية إلى أن الوصول إلى الفهم الصحيح للدين لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال العلماء الذين يجمعون بين فقه النصوص الشرعية والوعي بالواقع. واستشهد بقوله تعالى: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} [النحل: 43]، موضحًا أن العلماء المؤهلين لديهم القدرة على تفسير الأحكام الشرعية وتنزيلها على الوقائع دون تفريط أو إفراط.
وأكد فضيلته أن العلماء الحقيقيين هم الذين يفهمون النصوص الشرعية بعمق ويوازنون بينها وبين الواقع، بما يحقق مصالح العباد في الدنيا والآخرة.
أقسام مصادر التشريع الإسلامي
قسم مفتي الجمهورية مصادر التشريع الإسلامي إلى:
- مصادر متفق عليها: وتشمل القرآن الكريم، وهو المصدر الأول والأساس للتشريع الإسلامي، حيث وضع أصول العقيدة والسلوك، والسنة النبوية، والإجماع، والقياس.
- مصادر مختلف فيها: مثل الاستصحاب، والمصالح المرسلة، وسد الذرائع، وقول الصحابي.
وأوضح فضيلته أن هذه المصادر مجتمعة تشكل منهجًا متكاملاً لفهم الدين، وأن التعامل معها يتطلب الرجوع إلى العلماء المؤهلين الذين يمكنهم رفع التعارض الظاهري بين الأدلة والجمع بينها دون إهمال.
أهمية البحث والتجربة في صحة الأفكار
أكد الدكتور نظير عياد أن الاطمئنان إلى صحة الأفكار لا يتحقق إلا من خلال البحث الصادق والتجربة الواقعية والرجوع إلى العلماء الثقات. وشدد على أن الأفكار المقبولة يجب ألا تخالف عُرفًا مستقرًا لا يعارض الدين، وألا تصادم نصًا دينيًا صحيحًا وثابتًا، وأن تكون وليدة اجتهاد ونظر علمي رصين.
وأشار إلى أن اختبار الأفكار في الواقع يكشف مدى صحتها أو قصورها، مما يعزز من مصداقية الفهم الديني ويؤدي إلى تحقيق مقاصد الشريعة.
العدل والصدق طريق السلامة في الدين والدنيا
اختتم مفتي الجمهورية حديثه بالتأكيد على أن العدل والصدق في الفهم والمعرفة هما طريق السلامة في الدين والدنيا. واستشهد بقوله تعالى: {ولا يجرمنَّكم شنآنُ قومٍ على ألا تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوى} [المائدة: 8]، وبحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «والذي نفس محمد بيده، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها».
وشدد فضيلته على أن الموضوعية والبعد عن الهوى في طلب المعرفة أساس لتحقيق العدالة، وأن الشريعة الإسلامية قائمة على التوازن بين النصوص ومراعاة الواقع بما يحقق مصالح العباد.