العلاقات المصرية الصومالية: دعم سياسي وأمني في مواجهة تهديدات القرن الإفريقي

في إطار تعميق العلاقات الثنائية وتعزيز التعاون المشترك، تواصل مصر دعمها المستمر للصومال في مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية، وذلك في إطار علاقات تضرب بجذورها في عمق التاريخ.
وتؤكد الزيارات المتبادلة بين القيادات المصرية والصومالية، مثل الزيارة الأخيرة للرئيس الصومالي حسن شيخ محمود إلى القاهرة، على أهمية هذا التعاون الذي يمتد لعدة عقود من الزمن.
العلاقات السياسية: تعاون مستمر على المستوى الإقليمي والدولي
أكد السفير أحمد حجاج، الأمين العام المساعد الأسبق لمنظمة الوحدة الإفريقية، أن العلاقات المصرية الصومالية ليست جديدة، بل تمتد لسنوات طويلة. وقال في تصريحات له خلال مداخلة هاتفية على قناة "إكسترا نيوز"، إن مصر كانت دائمًا حليفًا رئيسيًا للصومال، خاصة في القضايا الأمنية والسياسية المتعلقة بالمنطقة.
وأضاف أن الزيارات المتكررة للرئيس الصومالي إلى مصر تعكس تطور هذه العلاقات، مشيرًا إلى الدعم السياسي الذي تقدمه مصر للصومال في مختلف القضايا.
وتابع السفير حجاج أن اللقاءات الأخيرة بين الرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي والصومالي حسن شيخ محمود، أعربت عن دعم مصر الكامل للصومال في مواجهة التحديات الأمنية، خصوصًا فيما يتعلق بالتهديدات الإرهابية، التي تمثل تهديدًا كبيرًا للأمن القومي في منطقة القرن الإفريقي والبحر الأحمر.
وأكد أن مصر تدعم جهود الصومال في تحقيق الاصطفاف الوطني والتوافق بين مكونات الشعب الصومالي، بالإضافة إلى التصدي لأي محاولات خارجية تهدف إلى تفتيت الدولة.
الجانب العسكري والأمني: دعم مصر للأمن الإقليمي
أشار السفير أحمد حجاج إلى أن مصر تعتبر الصومال شريكًا استراتيجيًا في المنطقة، حيث تولي اهتمامًا بالغًا بالتهديدات الإرهابية التي تواجهها الصومال، والتي تؤثر على استقرار المنطقة.
وأوضح أن الجيش الصومالي يحقق نجاحات متتالية في محاربة الجماعات الإرهابية المدعومة خارجيًا، وهو ما يلقى دعمًا سياسيًا وعسكريًا من مصر.
من جانب آخر، أكدت مصادر مصرية أن القاهرة تشارك في التنسيق الإقليمي مع كل من أريتريا والصومال من خلال مشاورات سياسية وعسكرية، مما يعكس اهتمام مصر بضمان استقرار منطقة البحر الأحمر، التي تشكل أهمية استراتيجية في حركة الملاحة الدولية، وخصوصًا في ضوء تهديدات القرصنة التي تشهدها المنطقة.
التعاون الاقتصادي: شراكة مستدامة للتركيز على البنية التحتية والتعليم
العلاقات الاقتصادية بين مصر والصومال شهدت تحسنًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة، إذ تسعى الدولتان إلى زيادة التبادل التجاري وتعزيز التعاون في مجالات البنية التحتية والتعليم والتدريب الفني والعسكري.
في هذا السياق، أكد السفير حجاج أن مصر تقدم مساعدات اقتصادية متنوعة للصومال، بما في ذلك دعم القطاعات الأساسية مثل التعليم، حيث يدرس العديد من الطلاب الصوماليين في الجامعات المصرية، بالإضافة إلى وجود عدد كبير من الخبراء المصريين الذين يعملون في مشاريع داخل الصومال.
وأشار إلى أن مصر تقدم التدريب الفني للعاملين في القطاعات المختلفة، بما في ذلك التعليم الفني والطب، وهو ما يساهم في تعزيز القدرات البشرية في الصومال، ودفع عجلة التنمية الاقتصادية في البلاد.
وأضاف أن هناك إمكانيات كبيرة لتوسيع مجالات التعاون بين البلدين في المستقبل، خاصة في مجالات الاستثمار في البنية التحتية والتنمية المستدامة.
التحديات والفرص المستقبلية
بينما لا تزال هناك تحديات كبيرة تواجه الصومال، أبرزها التهديدات الإرهابية والقرصنة في البحر الأحمر، أكد السفير حجاج على أن التعاون المصري الصومالي يمثل ركيزة أساسية لتحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة. وقال إن الصومال يعد بوابة استراتيجية في منطقة القرن الإفريقي، التي تشكل نقطة محورية في تأمين حركة الملاحة الدولية في مضيق باب المندب، بما يتوافق مع مصالح مصر في تأمين قناة السويس.
وأشار إلى أن هناك فرصًا كبيرة لتعزيز التعاون بين البلدين في المستقبل من خلال تعزيز مجالات الاستثمار والشراكات الاقتصادية. وأضاف أن مصر مستعدة لتقديم المزيد من الدعم للصومال في العديد من المجالات، بما في ذلك تطوير البنية التحتية، وبناء القدرات الوطنية في مجالات الطاقة، والنقل، والصناعة.
شراكة تسهم في استقرار المنطقة
في الختام، أكد السفير حجاج أن العلاقات المصرية الصومالية تشكل نموذجًا ناجحًا للشراكة بين الدول العربية والإفريقية. وأوضح أن هذه العلاقات لا تقتصر على المجال الأمني والسياسي فقط، بل تشمل أيضًا الجوانب الاقتصادية والاجتماعية التي تدعم التنمية المستدامة في الصومال.
وبيّن أن التعاون المستمر بين مصر والصومال يساهم في تعزيز استقرار منطقة القرن الإفريقي، ويعكس التزام مصر بدعم الأشقاء الأفارقة في تحقيق التنمية والازدهار.