كبارى المشاة في القليوبية وسائل لعبور الطرق أم للموت؟
تحولت كبارى المشاة بمحافظة القليوبية، من وسيلة آمنة لعبور الطرق المزدحمة وخطوط السكك الحديدية، إلى مصدر دائم للخطر، ومرتعٍ للفوضى، ومشهد مأساوي يتكرر يومًا بعد يوم في ظل غياب الصيانة، وانعدام الإضاءة، وضعف إجراءات المتابعة، ما تسبب في سلسلة من الحوادث المؤلمة وسقوط مصابين، بل وانهيار أجزاء من بعض الكبارى دون سابق إنذار.
في مدينة بنها، توقّف السلم الكهربائي لكوبري عبور السكة الحديد منذ عدة أشهر، بعد سرقة أجزاء من معدات تشغيله، وسط عجز في ميزانية الصيانة ، وهو ما دفع المواطنين، بينهم طلاب ومرضى، لاستخدام معبر غير شرعي لعبور شريط السكة الحديد، في مخاطرة يومية تهدد حياتهم وتُذكر بكوارث القطارات المتكررة.
أما في قرية كفر شبين التابعة لمركز شبين القناطر، فالوضع أكثر مأساوية، حيث يعاني كوبري المشاة من غياب كامل للإنارة وتحوله إلى بيئة خصبة للتعديات والانحرافات السلوكية، مثل التبول والتبرز على سلالمه وارتكاب أفعال منافية للآداب ليلًا، وسط أكوام من القمامة، ما يجعله خطرًا صحيًا وأخلاقيًا على السكان والمارة، في ظل غياب أي تواجد إداري أو إشرافي لحماية المارة.
وفي مدينة شبرا الخيمة، تعاني كبارى المشاة، خاصة في مناطق المنشية وأم بيومي والمؤسسة، من أوضاع متدهورة، حيث تحوّلت إلى أسواق عشوائية تكتظ بالباعة الجائلين، ما أدى إلى فوضى مرورية على مداخلها ومخارجها، وتسبب في اندلاع حرائق متكررة نتيجة التوصيلات الكهربائية العشوائية وتراكم المخلفات، كان من بينها حريقان على الأقل خلال السنوات الأخيرة بكوبري أم بيومي، وسط غياب للرقابة والتنظيم. كما اشتكى المواطنون من ضعف النظافة والإضاءة وانتشار مظاهر غير حضارية، في ظل غياب خطة واضحة للتطوير أو إعادة التنظيم.
رُصدت خلال السنوات الأخيرة سلسلة من الحوادث المرتبطة بكبارى المشاة بمحافظة القليوبية، أبرزها وقوع حادث في 6 فبراير 2023، حيث انهار جزء من كوبري مشاة في منطقة المنشية بشبرا الخيمة بعد اصطدام سيارة نقل ثقيل به، وأسفر الحادث عن إصابة مواطن وتلفيات بالهيكل المعدني. وفي 9 أكتوبر 2022، سقط درابزين كوبري مشاة بطوخ أعلى الطريق الزراعي، مما أدى إلى إصابة أحد المارة، وكشف الحادث عن ضعف هيكل الكوبري وعدم خضوعه للصيانة الدورية. كما شهد يونيو 2022 نشوب حريق بأحد كبارى المشاة في شبرا الخيمة نتيجة إشعال النيران في المخلفات المتراكمة أسفله، وسط غياب أي رقابة أو صيانة. وفي 15 ديسمبر 2021، سقط سلم كامل من كوبري مشاة بمدينة القناطر الخيرية بسبب الصدأ، ما أدى إلى إصابة سيدة وطفل خلال استخدامهما السلم، بينما تكررت حوادث الحرائق والإهمال أيضًا في مارس 2021، وأدى سقوط عمود إنارة من فوق كوبري مشاة في قليوب في أغسطس 2020 إلى إصابة شاب بكسور مضاعفة.
تعاني معظم كبارى المشاة بالمحافظة، خاصة الواقعة على الطريق الزراعي مثل كوبري طوخ وقها وقليوب، من غياب كامل للإنارة ليلاً، ما يُحوّل عبورها إلى مغامرة محفوفة بالمخاطر، في ظل وجود سلوكيات غير منضبطة وغياب التواجد المنظم للعاملين في الحراسة أو الإشراف، ما جعل بعض هذه المواقع عرضة للتعديات أو استخدامات غير قانونية. ويشتكي المواطنون من تعرضهم لمضايقات متكررة، فضلاً عن حوادث السرقة والتحرش، لا سيما في الفترات المسائية، وسط غياب كاميرات المراقبة أو التواجد الإداري الفعّال.
يطالب الأهالي بسرعة التحرك لإعادة تأهيل وصيانة كبارى المشاة على مستوى محافظة القليوبية، وتوفير الإنارة الكافية، وإزالة الإشغالات، وتكثيف أعمال التنظيم والمتابعة لحماية المواطنين، خاصة النساء وكبار السن والأطفال. كما يدعو المواطنون إلى تخصيص ميزانيات واضحة لصيانة السلالم الكهربائية المعطلة، وتدشين حملات صيانة دورية للكبارى المعدنية التي تعرضت للتآكل بفعل الزمن، لمنع وقوع كوارث مفاجئة.
في ظل تزايد الحوادث وتهالك البنية الأساسية لبعض الكبارى، يتساءل المواطنون:
من المسؤول عن أرواح المارة؟ ولماذا تنتظر الجهات المعنية سقوط ضحايا جدد قبل التحرك؟
إن الإهمال المستمر وغياب خطط التطوير والمتابعة يحوّل وسائل حماية الأرواح إلى أدوات تهديد لها، في مشهد يتكرر بصمت مؤلم.
