عاجل

“برسالة وأموال”.. كيف جنّدت إيران مواطنين إسرائيليين لتنفيذ عمليات خطرة؟

نتنياهو وغالانت
نتنياهو وغالانت

قبل اندلاع حرب الأيام الـ12 بين إسرائيل وإيران، كانت تل أبيب قد اكتشفت شبكة تجسس واسعة النطاق تضم أكثر من 30 مواطنًا إسرائيليًا يعملون لصالح الاستخبارات الإيرانية، في واحدة من أكثر العمليات الاستخبارية تعقيدًا في السنوات الأخيرة، وفق ما كشفته صحيفة “الجارديان” البريطانية.

بداية الاتصالات: رسائل مجهولة مقابل المال

انطلقت العمليات التجسسية برسائل نصية غامضة وصلت لمواطنين إسرائيليين عبر تطبيقات مختلفة، تعرض عليهم المال مقابل معلومات أو تنفيذ مهام صغيرة، تبدأ عادة بتعليق منشورات أو التحقق من مواقع معينة، ثم تتطور إلى مهام أكثر حساسية. ومع الوقت، تزايدت المبالغ المعروضة تماشيًا مع خطورة المهام المطلوبة.

ورغم أن معظم المحاولات الإيرانية باءت بالفشل في تحقيق اختراق أمني عالٍ أو تنفيذ عمليات اغتيال لمسؤولين إسرائيليين، كما تظهر وثائق المحكمة، فإن المخابرات الإيرانية نجحت في بناء قاعدة بيانات مهمة لمواقع استراتيجية داخل إسرائيل، باستخدام مجموعة من المواطنين المستعدين للعمل مقابل المال.

مهام صغيرة تؤدي إلى أهداف كبيرة

إحدى الحالات البارزة كانت لشخص أُلقي القبض عليه في سبتمبر 2024، تلقى هذا الشخص عرضًا ماليًا لتفقد موقع في حديقة عامة بحثًا عن كيس أسود، ثم طُلب منه تصوير منازل علماء نوويين، وتعليق منشورات ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تحمل عبارات مثل: "بيبي = هتلر"، أو "كلنا ضد بيبي".

ووفقًا للائحة الاتهام، تم تكليفه لاحقًا بمراقبة منزل عالم يعمل في معهد وايزمان، بهدف تنفيذ عملية اغتيال مقابل 60 ألف دولار، قام باستقطاب أربعة أشخاص للمهمة، لكن المجموعة لم تتمكن من تجاوز حارس الأمن في الموقع، وغادرت فورًا.

مشروع عائلي للتجسس

في حالة أخرى، تبيّن أن إسرائيليًا من أصول أذربيجانية قام، بمساعدة أقاربه، بتصوير مواقع حساسة في حيفا والنقب وتل أبيب، شملت قواعد عسكرية ومنشآت بحرية وبطاريات "القبة الحديدية"، في محاولة لجمع معلومات تساعد في استهدافها لاحقًا بالصواريخ الإيرانية.

وصف مسؤول في جهاز "الشاباك" الإسرائيلي النهج الإيراني بأنه "عشوائي ومنخفض التكلفة"، يعتمد على تجنيد أكبر عدد ممكن من المتعاونين لأداء مهام بسيطة، ومن ثم اختيار من يمكن تطويره لأدوار أخطر، وهو ما أكد عليه أيضًا المحلل الأمني يوسي ميلمان.

عرض اغتيال مقابل مليون دولار

ربما كانت أغرب القصص تلك الخاصة بـ"مردخاي مامان"، رجل يبلغ من العمر 72 عامًا، أوقعه ضيقه المالي وزواجه الحديث في قبضة الاستخبارات الإيرانية. وبعد عدة لقاءات في تركيا وإيران، كُلّف بمهمات مختلفة داخل إسرائيل، شملت تسليم أموال، وجمع معلومات، ونقل رسائل، ثم عُرض عليه مبلغ 150 ألف دولار مقابل اغتيال شخصية إسرائيلية.

مامان طالب بمليون دولار مقابل تنفيذ اغتيال لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أو وزير الدفاع السابق يوآف جالانت، وعندما قوبل طلبه بالرفض، اقترحت عليه المخابرات الإيرانية هدفًا "أقل أهمية": رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت، مقابل 400 ألف دولار. لكنه أصر على المليون، ليتم اعتقاله لاحقًا في تل أبيب، ويُحكم عليه بالسجن 10 سنوات في أبريل 2025.

عمليات إسرائيلية دقيقة ومدمّرة

وفي المقابل، نفذت إسرائيل عمليات استخباراتية دقيقة داخل إيران، سمحت للموساد بتصفية عدد من القادة والعلماء النوويين الإيرانيين، في لحظة واحدة خلال الهجوم الإسرائيلي في 13 يونيو/حزيران الماضي، ضمن عملية وُصفت بأنها "الأوسع والأكثر تنسيقًا".

ومنذ اندلاع الحرب، أعلنت السلطات الإيرانية عن اعتقال أكثر من 700 شخص بتهمة التجسس لصالح إسرائيل، وأفادت وكالة أنباء "فارس" أن 6 منهم على الأقل أُعدموا خلال محاكمات سرية وسريعة، في مشهد يعكس التوتر الأمني والعمق الذي بلغته حرب الجواسيس بين الطرفين.

تم نسخ الرابط