خبير بيئي: ارتفاع درجات الحرارة يهدد المحاصيل الزراعية.. والقطن الوحيد المستقر

أكد الدكتور عبد المسيح، أستاذ بكلية الدراسات العليا والبحوث البيئية بجامعة عين شمس، على أهمية دمج موضوع التغيرات المناخية في المناهج الدراسية كجزء أساسي من برامج التعليم، وذلك بهدف توعية الأجيال الجديدة حول كيفية التعامل مع الظواهر المناخية المتغيرة وفهم تأثيراتها العميقة على الإنسان والبيئة.
وفي لقاء له عبر برنامج "الساعة السادسة" على قناة الحياة، أوضح الدكتور عبد المسيح أن التغيرات المناخية أصبحت تمثل تحديًا عالميًا متناميًا، ولا بد من تجهيز الطلاب بأدوات معرفية تمكنهم من فهم طبيعة هذه التغيرات وكيفية التكيف معها بشكل عملي وعلمي.
مصطلحات جديدة
وأشار إلى دراسة حديثة تناولت ظهور مصطلحات جديدة في علم المناخ والسلوك البشري، مثل "القلق المناخي"، وهو شعور متزايد لدى الأفراد نتيجة مشاهدة الظواهر المناخية المتطرفة كالفيضانات والعواصف، مما يؤدي إلى حالات من الاضطراب النفسي والاكتئاب في المجتمعات المتضررة، خاصة في المناطق الساحلية مثل الإسكندرية.

كوارث مناخية مفاجئة
كما تناول المفهوم المرتبط بـ "الخوف المناخي"، والذي يعبر عن حالة القلق المستمر من المستقبل المجهول، حيث يعيش الناس في حالة ترقب دائمة لحدوث الكوارث المناخية المفاجئة، مثل العواصف والأمطار الغزيرة التي تعرقل الحياة اليومية. وأشار الدكتور عبد المسيح إلى أن هذه الظواهر النفسية تتطلب تدخلاً مجتمعيًا وتربويًا للحد من تأثيراتها السلبية.
وفيما يخص ظاهرة "الإنكار المناخي"، بيّن الدكتور عبد المسيح أنها تتجسد في عدم تصديق بعض الأفراد بحدوث تغيرات مناخية أو التقليل من أهميتها، وهو أمر خطير يعوق جهود مواجهة الأزمة البيئية.
ولفت إلى أن الأبحاث الحديثة في العلوم البيئية تركز على دراسة العلاقة بين السلوك البشري والتغيرات المناخية، وتسعى إلى تطوير آليات تعديل السلوك الفردي والجماعي بما يتوافق مع متطلبات التكيف والتخفيف من آثار الأزمة المناخية.
تغير أنماط الأمطار
وعن تأثير التغيرات المناخية على القطاع الزراعي والأمن الغذائي، أوضح الدكتور عبد المسيح أن ارتفاع درجات الحرارة وتغير أنماط الأمطار يؤثران سلبًا على نمو المحاصيل الزراعية، التي تتطلب ظروفًا مناخية محددة لتنتج بكفاءة. وأكد أن هذا التغير يسبب تقليل المحاصيل وارتفاع أسعارها في الأسواق، مما ينعكس سلبًا على المواطنين خاصة في الدول التي تعتمد على الزراعة كمصدر رئيسي للغذاء والدخل.
وأضاف أن المحصول الوحيد الذي يظل غير متأثر نسبيًا بتغير المناخ هو القطن، بينما معظم المحاصيل الأخرى مثل القمح والشعير تواجه تحديات كبيرة.

استراتيجيات الزراعة الذكية والمستدامة
وأكد الدكتور عبد المسيح أن الحلول تتطلب تبني استراتيجيات الزراعة الذكية والمستدامة، بالإضافة إلى الاستفادة من التقنيات الحديثة مثل الهندسة الوراثية والبحوث الزراعية المتقدمة لانتاج أصناف مقاومة للتغيرات المناخية. وذكر أن مصر بدأت بالفعل في تطبيق هذه الاستراتيجيات، حيث تم تطوير بعض أصناف القمح التي تتحمل درجات الحرارة المرتفعة والجفاف بشكل أفضل، مما يسهم في زيادة الإنتاج وتقليل الفجوة الغذائية.
واختتم حديثه بالتأكيد على ضرورة تعاون الحكومات والمؤسسات التعليمية والبحثية لتوفير المعرفة اللازمة، وزيادة الوعي المجتمعي بأهمية مواجهة التغيرات المناخية، والعمل على تعديل السلوكيات البيئية من أجل حماية الموارد الطبيعية وضمان مستقبل مستدام للأجيال القادمة.