النيابة العامة توضح تفاصيل جرائم القتل في قضية «سفاح المعمورة» أمام المحكمة

أذاعت النيابة العامة عبر صفحتها الرسمية على موقع "فيس بوك" مرافعتها في القضية رقم 9046 لسنة 2025 جنايات ثان المنتزه، والمعروفة إعلامياً بقضية "سفاح المعمورة" أو "سفاح الإسكندرية".
وتأتي هذه المرافعة في إطار تنفيذ استراتيجية النيابة العامة للتدريب، حيث أُعدّت المرافعة تحت إشراف إدارة التفتيش القضائي، وذلك تفعيلًا لدور المرافعة في تحقيق العدالة وإعلاء كلمة القانون، باعتبارها من أهم أدوات التقاضي.
النيابة تستعرض لائحة الاتهام: ثلاث جرائم قتل بدم بارد
استهل ممثل النيابة العامة مرافعة القضية بتقديم أمر الإحالة الرسمي، حيث وجه إلى المتهم تهمًا بالقتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، مشيرًا إلى أن الجرائم التي ارتكبها جاءت بعد أن قام المتهم بخطف ضحاياه باستخدام أساليب التحايل والإكراه بهدف السرقة، لتنتهي هذه الجرائم المروعة بالقتل والدفن لإخفاء آثار جريمته.
ووفقًا لممثل النيابة، لم يكتفِ المتهم بارتكاب هذه الجرائم البشعة، بل استغل مهنته كمحامٍ في التمويه والخداع، حيث حول أدوات القانون إلى سلاح للتمويه وتضليل العدالة بدلاً من أن يستخدمها في الدفاع عن المظلومين.
وأكدت النيابة أن الجرائم التي ارتكبها المتهم تمثل أبشع صور العنف والقتل البشري، وأنه استخدم أفعاله الإجرامية كخطة جهنمية لتحقيق أغراضه الشخصية دون مراعاة لحقوق وحياة الآخرين.
بداية من كفر الشيخ.. خلفية المتهم وعلاقته بالجريمة الأولى
تحدث ممثل النيابة عن نشأة المتهم في محافظة كفر الشيخ، حيث نشأ وتلقى تعليمه، ثم امتهن المحاماة، وهي المهنة التي استخدمها كستار لأفعاله الإجرامية.
وفي الجريمة الأولى، تعرف المتهم على الضحية "محمد إبراهيم" العامل بالخارج، بعد أن تبنّى قضيته القانونية، وسرعان ما نشأت بينهما صداقة انتهت بشكل مأساوي. ففي فبراير 2022، استدرجه المتهم وقتله عمدًا، مستخدمًا علاقته به كغطاء لارتكاب جريمته.
جريمة ثانية تحت قناع الحب والزواج العرفي
أما الجريمة الثانية فكانت ضحيتها امرأة مطلقة وأم لطفلين. أوهمها المتهم بحياة مستقرة وزواج هادئ، فتركَت طفليها، وتزوجت منه عرفيًا، وأقام معها لمدة عامين في شقة بمنطقة المنتزه بالإسكندرية.
وبعد أن أشبع رغبته منها، غدر بها وقتلها بدم بارد داخل الشقة نفسها، دون أن يرف له جفن، ليخفي الجثة في صندوق داخل سكنه، مُعدًا نفسه للجريمة التالية.
الضحية الثالثة.. سيدة مسنة ومأساة صداقة انتهت بالخيانة
وفي الجريمة الثالثة والأخيرة، كانت الضحية تدعى تركية عبد العزيز، وهي سيدة مسنة تمتلك أموالًا وممتلكات. نشأت بينها وبين المتهم علاقة صداقة تطورت من خلال تعاملهما المهني، لكنها بدأت تشك في نيّته، خاصة بعدما شعرت بعدم استفادتها من خدماته القانونية.
وعندما طالبت المتهم بتأخير أتعابه، خطط لقتلها خوفًا من افتضاح أمره. فاستدرجها إلى شقة المنتزه، نفس المكان الذي سبق أن دفن فيه ضحيته الثانية، وقام بكتم أنفاسها ودفنها في حفرة داخل الغرفة، ثم أعاد فتح الصندوق الذي كان يحتفظ فيه بجثة زوجته الضحية السابقة، ودفن الجثتين معًا في ذات المكان، محاولًا طمس كل الأدلة.
إحالة أوراق المتهم إلى المفتي وتحديد موعد الحكم
في ختام الجلسة، أصدرت محكمة جنايات الإسكندرية قرارًا بإحالة أوراق المتهم إلى فضيلة مفتي الجمهورية، لاستطلاع الرأي الشرعي بشأن الحكم بإعدامه، في واحدة من أبشع الجرائم التي شهدتها مصر مؤخرًا.
وحددت المحكمة جلسة 27 يوليو الجاري للنطق بالحكم، وسط ترقب كبير من الرأي العام، بعد أن أصبحت قضية "سفاح المعمورة" حديث الشارع المصري، لما تحمله من تفاصيل مرعبة تجسّد الانحدار الأخلاقي والجرائم المقنّعة خلف مظهر الاحترام والمهنة.
بهذا، تقترب فصول قضية "سفاح المعمورة" من نهايتها داخل قاعة المحكمة، فيما يبقى السؤال المطروح: هل يكفي حكم القانون للردع، أم أن جذور الجريمة أعمق مما يبدو؟