بعد “حرب الأيام الـ12”| قمة ترامب–نتنياهو تبحث صفقة كبرى ومصير النظام الإيراني

أعلنت نهاية مفاجئة لحرب الأيام الـ12 بين إسرائيل وإيران، حين نشر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منشورًا مسائيًا عبر منصة “تروث سوشيال” كشف فيه تفاصيل وقف إطلاق النار، لكن وبعد مرور عشرة أيام على هذا الإعلان، ما تزال تفاصيل "الخطة الأكبر" التي يُفترض أن ترسم ملامح المرحلة المقبلة غامضة.
أسئلة المرحلة المقبلة: ما المسموح والممنوع مع إيران؟
يتساءل مراقبون: ما الذي يُسمح به أو يُمنع في العلاقة مع إيران؟ وكيف ستجني إسرائيل ثمنًا سياسيًا مقابل إنجازاتها العسكرية في تلك الحرب؟ هذه الأسئلة ستكون على طاولة قمة الرئيس ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المرتقبة يوم الاثنين، والتي يصفها مايكل ماكوفسكي، رئيس معهد JINSA، بأنها "الأولوية القصوى" للقمة الثالثة بين الرجلين منذ عودة ترامب إلى السلطة في يناير 2025.
صفقة كبرى قيد البحث.. ولكن بحذر
تشير تقارير إعلامية إلى أن القمة ستناقش إمكانية التوصل إلى “صفقة كبرى” تتضمن إنهاء حرب غزة، إطلاق سراح الرهائن، اعترافًا أمريكيًا بالسيادة الإسرائيلية على أجزاء من الضفة الغربية، وتوسيع اتفاقات إبراهام لتشمل السعودية وسوريا ولبنان.
ورغم الطموح، أبدى ماكوفسكي شكوكه بشأن واقعية مثل هذه “الصفقات المتعددة الأوجه”، معتبرًا أن التقدم نحو هذه الأهداف سيكون على الأرجح تدريجيًا.
هل تنهار طهران؟
بعد الضربات الأمريكية–الإسرائيلية التي استهدفت منشآت نووية في إيران، قدّر البنتاغون أن البرنامج النووي الإيراني تأخر نحو عامين، وفق ما صرّح به المتحدث شون بارنيل في 2 يوليو، وجاء هذا التصريح بعد اعتراضات قوية من وزير الدفاع بيت هيغسيث ومسؤولين آخرين على تقارير استخباراتية سابقة قللت من حجم الأثر.
ومع توقف الحرب، يظل مصير النظام الإيراني سؤالاً مفتوحًا، هل تستمر طهران في سلوكها أم أن هناك تحولات متوقعة؟ ماكوفسكي شدد على ضرورة أن يخرج ترامب ونتنياهو باتفاق صريح يحدد ما يُتوقع من إيران فعله أو تجنبه، مع التزام أمريكي واضح بدعم إسرائيل في فرض هذه الشروط إن لزم الأمر.
ورغم التقاء الطرفين على منع إيران من امتلاك السلاح النووي، تختلف مقاربتهما للنظام الحاكم في طهران، فبينما ألمح ترامب إلى إمكانية “جعل إيران عظيمة من جديد” دون إسقاط النظام، تفضل إسرائيل رؤية إيران قوية لكن من دون هذا النظام تحديدًا.
غزة والرهائن.. بين حسابات ترامب وأولويات نتنياهو
بالتوازي مع الملف الإيراني، دعا ترامب إلى وقف إطلاق نار لمدة 60 يومًا في قطاع غزة، بهدف تأمين إطلاق سراح نحو 50 رهينة إسرائيلية، يُعتقد أن أقل من نصفهم ما زالوا أحياء.
ووفق دوغلاس فيث، وكيل وزارة الدفاع الأمريكي الأسبق، فإن ترامب يفضل التهدئة السريعة، بينما يركز نتنياهو على إنهاء وجود حماس كليًا في القطاع، وهو شرط ترفضه الحركة مقابل أي صفقة تبادل.
لكن العميد الإسرائيلي المتقاعد آصاف أوريون يرى أن تغيرات الواقع فرضت على نتنياهو مرونة أكبر بعد الصدام مع إيران، وقد تكون هدنة غزة فرصة عملية لـ"بناء اليوم التالي"، من خلال ترتيبات تشمل الحكم المحلي، نزع السلاح، الإغاثة، وإعادة الإعمار، بدلًا من اتفاقات سلام شاملة قد تبقى حبراً على ورق.
الضفة الغربية.. السيادة مقابل التطبيع؟
من أبرز ملفات القمة، مسألة السيادة على الضفة الغربية، فخطة ترامب السابقة تضمنت اعترافًا جزئيًا بالسيادة الإسرائيلية على أجزاء من الضفة مقابل دولة فلسطينية في مناطق أخرى.
غير أن آصاف أوريون حذر من أن "الضم" لا ينسجم مع توسيع اتفاقات إبراهام، إذ إن دولًا عربية انضمت لهذه الاتفاقات سابقًا مقابل تجميد الضم.
ورغم ذلك، يبقى توسيع اتفاقات إبراهام هدفًا محوريًا لإدارة ترامب، مع انضمام محتمل للسعودية وسوريا ولبنان.
الشرع السوري الجديد.. فرصة أم خدعة؟
فيما يخص سوريا، تبرز شخصية أحمد الشرع، الزعيم السوري الجديد ذي الخلفية الجهادية، والذي يُقال إنه منفتح على التطبيع مع إسرائيل مقابل إعادة إعمار بلاده.
لكنّ الإسرائيليين مترددون، فالتجربة مع ياسر عرفات، الذي لم يتخل عن عدائه رغم الاتفاقيات، لا تزال ماثلة في الأذهان.
مع ذلك، يرى فيث أن الشرع قد يكون حليفًا محتملًا في مواجهة إيران، خاصة إذا قبل ببقاء إسرائيل في الجولان، وهو شرط غير قابل للتفاوض إسرائيليًا.
أما السعودية، فدخولها رهن بتحقيق تقدم جوهري في الملف الفلسطيني، وليس مجرد هدنة مؤقتة.
هل تحصل إسرائيل على القاذفة “بي 2”؟
العلاقات الأمنية ستكون في صلب القمة، لا سيما مناقشة تزويد إسرائيل بقدرات متقدمة مثل قاذفات B-2 الشبح وقنابل “GBU-57” الخارقة للتحصينات، وهي ذخائر لم تمنحها أمريكا لأي حليف من قبل مبادرة تشريعية بدعم الحزبين تقترح منح هذه القاذفات لإسرائيل إذا استمرت طهران في تطوير برنامجها النووي.
وقد رفعت إسرائيل ميزانيتها العسكرية بنسبة 65% في عام 2024 لتبلغ 46.5 مليار دولار، وسط سباق تسلح إقليمي يغذيه التهديد الإيراني.
حسابات الداخل.. من الضغوط إلى المكاسب
يخوض ترامب ونتنياهو القمة وسط مشهد سياسي داخلي معقد، فترامب الذي حقق انتصارًا تشريعيًا بتمرير موازنة بقيمة 4.5 تريليون دولار، يسعى إلى تحقيق نجاح خارجي يعزز موقفه الانتخابي، أما نتنياهو، فهو تحت ضغط محاكم الفساد واحتجاجات الداخل، وقد يجد في وقف إطلاق النار بغزة متنفسًا سياسيًا يخفف الضغط.
وبين الطموح والتحديات، تبدو القمة القادمة فرصة حاسمة لإعادة رسم التحالفات وترتيب الأوراق في واحدة من أكثر المناطق توترًا في العالم.