من التابلت إلى البكالوريا: ثلاثة وزراء ومسارات متباينة في تطوير التعليم

شهدت منظومة التعليم المصرية خلال السنوات الأخيرة تحولات جذرية، عبر تعاقب ثلاثة وزراء على حقيبة التربية والتعليم، كلٌ منهم حمل رؤية خاصة لإحداث نقلة نوعية في مسار تطوير التعليم.
بدأت هذه الموجة الإصلاحية مع الدكتور طارق شوقي، الذي أطلق في 2017 مشروع "التعليم 2.0"، والذي استهدف تغيير فلسفة التعليم التقليدية من التلقين إلى التركيز على الفهم والتفكير النقدي.
وشمل المشروع تحديث المناهج في المرحلة الابتدائية بالكامل، وتحويل نظام الثانوية العامة من الامتحانات الورقية إلى اختبارات إلكترونية تعتمد على مهارات التفكير والتحليل، إلى جانب توزيع أجهزة التابلت على الطلاب، وإنشاء بنية تحتية رقمية تربط بين الطلاب والمحتوى التعليمي عبر المنصات الحكومية.
ضعف تجهيزات بعض المدارس
رغم تقدير المؤسسات الدولية للمشروع، إلا أن التطبيق العملي واجه تحديات عديدة، منها ضعف تجهيزات بعض المدارس، ونقص تدريب المعلمين، فضلاً عن مقاومة بعض أولياء الأمور للنظام الجديد.
مع تولي الدكتور رضا حجازي وزارة التربية والتعليم في 2022، جاء الدور على ترسيخ مسار الرقمنة مع التركيز على تأهيل المعلمين وتعزيز العلاقة الإنسانية داخل الفصول الدراسية، ما وصفه بـ"إنسنة" التعليم. وحرص حجازي على توسيع منظومة التعليم المختلط، واستقطاب التعاونات الدولية في تدريب المعلمين، فضلاً عن تحسين البنية الرقمية للمدارس.
وقد تميز عهده بالتواصل المكثف مع المجتمع التعليمي لتهدئة المخاوف من النظام الجديد، لا سيما في المرحلة الثانوية.
مراجعة شاملة
في يوليو 2024، تولى الدكتور محمد عبد اللطيف المسؤولية ليقود مرحلة مراجعة شاملة شملت تخفيف المناهج الدراسية، وتقليص عدد المواد المضافة للمجموع في الصفين الأول والثاني الثانوي، إضافة إلى طرح رؤية جديدة تحت عنوان "البكالوريا المصرية" تهدف لإعادة صياغة الثانوية العامة بما يتوافق مع النماذج الدولية، رغم أن هذه الرؤية ما زالت قيد النقاش.
لقت قرارات عبد اللطيف ترحيبًا وتفاعلاً واسعًا من جانب الطلاب وأولياء الأمور، لكنها واجهت انتقادات تتعلق بغموض بعض التعديلات، والتساؤلات حول قدرة البنية الأساسية على مواكبة التغييرات المقترحة.
رغم اختلاف الرؤى والأساليب بين الوزراء الثلاثة، يبقى القاسم المشترك هو السعي الحثيث نحو تحديث منظومة التعليم في مصر، في ظل تحديات مزمنة تشمل نقص التمويل، وارتفاع كثافة الفصول، وتباين استجابة المجتمع للتغييرات.
تبقى الرغبة في تحديث التعليم المصري هدفًا ملحًا يتطلب تعاون الجميع، من حكومة وأهل تعليم وأولياء أمور، لتحقيق مستقبل أفضل للأجيال القادمة.