حزب الله يصف المبادرة الأمريكية بـ «ورقة استسلام» ويرفض التخلي عن سلاحه

أثار إعلان حزب الله اللبناني رفضه للمبادرة الأمريكية التي قدمها المبعوث الأمريكي توم باراك خلال زيارته إلى بيروت في 19 يونيو الماضي، جدلاً واسعاً على الساحة السياسية في لبنان. حيث وصف الحزب الوثيقة التي طالبت بالتخلي عن سلاحه بأنها "ورقة استسلام"، معبراً عن موقفه الرافض للتخلي عن ترسانته العسكرية.
وفي تطور جديد، سلّم حزب الله رده الرسمي على المبادرة إلى رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري صباح اليوم السبت، عقب تلقيه إنذاراً رسمياً من رئاسة الجمهورية.
وأفادت مصادر مطلعة أن الرد لم يتضمن إجابة مباشرة على مطلب التخلي عن السلاح، ما يفتح الباب أمام تصعيد محتمل في المفاوضات الداخلية.
وتأتي هذه الخطوة قبل زيارة مرتقبة للمبعوث الأمريكي توم باراك إلى بيروت يوم الاثنين المقبل، حيث من المتوقع أن يستلم الرد اللبناني الرسمي على بنود المبادرة، وسط أجواء سياسية متوترة. وقد وجه نبيه بري إنذاراً واضحاً لحزب الله، مؤكداً أن "إذا لم تردوا، فسنمضي دونكم"، في إشارة إلى إمكانية اتخاذ خطوات منفردة من قبل الأطراف اللبنانية الأخرى.

تفاصيل المبادرة الأمريكية
بحسب مصادر سياسية ودبلوماسية، تتضمن الورقة التي قدّمها باراك سبعة بنود رئيسية، أبرزها على النحو التالي:
1. نزع سلاح حزب الله، حيث تطالب الوثيقة بسحب الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة التابعة لحزب الله خلال ستة أشهر أو بحلول نهاية نوفمبر المقبل، وتعتبر أن الأسلحة الخفيفة والمتوسطة شأن لبناني داخلي، وتدعو إلى نزع سلاح كل الفصائل المسلحة على الأراضي اللبنانية، مع التزام الحكومة بخطة تنفيذية واضحة. وتعرض واشنطن الضغط على إسرائيل للانسحاب من النقاط الخمس الحدودية المتنازع عليها مقابل خطوات أولية من حزب الله تشمل إخلاء شمال نهر الليطاني من الأسلحة.
2. إصلاحات اقتصادية ومالية، إذ تدعو الوثيقة إلى إصلاحات جذرية في القطاعين المالي والجمركي، وإغلاق المؤسسات التابعة لحزب الله مثل القرض الحسن، مع تعزيز الرقابة على التحويلات المالية والمعابر والمرافئ.
3. العلاقة مع سوريا وترسيم الحدود، تحث الورقة على تعزيز العلاقات الرسمية مع دمشق لضبط الحدود ومنع التهريب، فضلًا عن الالتزام بترسيم الحدود مع إسرائيل والاعتراف بمزارع شبعا كأراضٍ سورية، واعتماد "الخط الأزرق" كحدود دولية نهائية.
4. ربط إعادة الإعمار بنزع السلاح، حيث تشترط الوثيقة عدم إطلاق مشاريع إعادة الإعمار قبل الانتهاء الكامل من عملية نزع السلاح.
5. قضية الأسرى، حيث تربط الإفراج عن الأسرى اللبنانيين في السجون الإسرائيلية بالتقدم في تنفيذ عملية نزع السلاح.
6. دور حزب الله السياسي، حيث لا تعارض الوثيقة استمرار حزب الله كحزب سياسي داخل البرلمان والحكومة، بشرط خروجه الكامل من النشاط العسكري.
7. مهلة زمنية وتحذير من التصعيد، تمنح الوثيقة مهلة لا تتجاوز شهرين لتقديم خطة نزع السلاح والشروع في تنفيذها، ملوّحة بخيار العمل العسكري الإسرائيلي في حال فشل التنفيذ.
تقليص الدور العسكري لحزب الله
نقلت وكالة "رويترز" عن ثلاثة مصادر مطلعة أن حزب الله يجري مراجعة استراتيجية شاملة عقب المواجهة الأخيرة مع إسرائيل، تتضمن احتمال تقليص دوره العسكري دون التخلي الكامل عن سلاحه.
وتشير المصادر إلى أن الحزب بات يعتبر أن ترسانته تحولت من عامل قوة إلى عبء استراتيجي، ويفكّر في تسليم بعض الأسلحة النوعية، مثل الصواريخ والطائرات المسيّرة، في مناطق محددة، مقابل ضمانات بانسحاب إسرائيلي ووقف الغارات، مع الإبقاء على أسلحة دفاعية خفيفة ومضادة للدبابات.
استمرار الخروقات رغم التهدئة في لبنان
رغم دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ منذ نوفمبر 2024 بعد أكثر من عام من المواجهات، لا تزال إسرائيل تنفذ غارات في الجنوب اللبناني، متذرعة باستهداف مواقع تابعة لحزب الله.
وتؤكد تل أبيب أنها لن تسمح بإعادة بناء القدرات العسكرية للحزب، وتواصل الضغط الميداني والدبلوماسي لنزع سلاحه بالكامل، معتبرة أن هذا شرط أساسي لأمنها القومي.