عاجل

خبراء: لقاء عبدي والمبعوث الأمريكي يحدد مستقبل المشهد السياسي السوري

سوريا
سوريا

في ظل تصاعد التوترات الإقليمية وتعقيدات المشهد السوري، تترقب الأوساط السياسية والأمنية في شمال شرقي سوريا لقاءا مرتقبا بين المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، توماس باراك، والقائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، الجنرال مظلوم عبدي، واللقاء المنتظر يأتي في توقيت حساس، وسط تحركات دبلوماسية وعسكرية ، وتوقعات بأن يحمل ملفات شائكة تتعلق بمستقبل الوجود الأميركي، والتحديات الأمنية في مواجهة قسد. 
وتحدث في تصريحات خاصة لنيوز رووم كلا من اللواء السوري محمد عباس ، الخبير العسكرية والاستراتيجي ، والدكتور مختار غباشي ، الخبير العسكري .

محمد عباس: لقاء أمريكي كردي قد يغير موازين القوى في سوريا

قال اللواء محمد عباس، الخبير العسكري والاستراتيجي، إن هناك لقاء قريبا بين المبعوث الأمريكي توماس براك والقائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، مشيرا إلى أن هذا اللقاء ليس جديدا، إذ سبقته لقاءات تحضيرية تمهيدا للمرحلة المقبلة التي تعمل من خلالها "قسد"، وأوضح أن المتغيرات الجديدة على الساحة السورية تفرض واقعا مختلفا، في وقت أظهرت فيه الولايات المتحدة موقفا مساندا، حيث قدمت مساعدات إيجابية للدولة السورية، وفي الوقت ذاته دعمت قوات سوريا الديمقراطية، مما يعني أن واشنطن لم تعد ترى في علاقتها مع دمشق إشكالا جوهريا.
 

من غير مصلحة الولايات المتحدة أن تتعامل مع قيادتين داخل سوريا
 

وأكد عباس، في تصريحات خاصة لنيوز رووم، أن من غير مصلحة الولايات المتحدة أن تتعامل مع قيادتين داخل سوريا، أحدهما باسم مجلس سوريا الديمقراطية، وأضاف أن اللقاء المرتقب بين براك وعبدي سيتناول مسألة ضم هذا المكون السرطاني، إلى الدولة السورية مجددا، بعدما تشكل على حساب وحدة الأراضي السورية في المنطقة الشمالية الشرقية، وأوضح أن ما شهدته السنوات الماضية من حالة انفصال، أو رغبة في الانفصال، بحاجة اليوم إلى مراجعة جادة، والتساؤل حول ما إذا كانت هذه الرغبة ما زالت قائمة.
 

الدولة السورية تتجه الآن إلى تطبيق نهج اللامركزية الإدارية
 

وأشار إلى أن الدولة السورية تتجه الآن إلى تطبيق نهج اللامركزية الإدارية، وهو نهج واضح في بنية الإدارة المحلية، لكنه لم يفعل بالشكل المطلوب خلال الفترات السابقة بسبب هيمنة منظومة الفساد، التي كانت تحرص على تهميش الأطراف لصالح المركز، متسائلا ، هل يرغب قسد الان في العودة إلى الدولة السورية، ولكن في ظل شروط جديدة، كتكوين قوة عسكرية مستقلة ضمن القوات النظامية، وأضاف أن هذا الطرح يمثل مشكلة كبيرة، لأن الوطن لا يحميه سوى أبنائه جميعا، وليس من المقبول أن يحمي كل فصيل منطقته بمعزل عن الدولة، وهو ما يهدد وحدة النسيج الاجتماعي السوري.
الولايات المتحدة قادرة الآن على فرض شروط إيجابية لصالح الدولة السورية
وتابع عباس أن من بين المطالب المطروحة لقوات سوريا الديمقراطية، حصولها على جزء من العائدات النفطية، كما هو الحال في إقليم كردستان العراق، وهو ما يعني محاولة فرض أمر واقع، وهل الولايات المتحدة قادرة الآن على فرض شروط إيجابية لصالح الدولة السورية، وأن هذه الدولة لن تستعيد قوتها الاقتصادية ولا سيادتها السياسية إلا إذا بسطت سلطتها الكاملة على أراضيها، وخضعت جميع المناطق لقوانينها، ومن غير المقبول أن يقطع أي فصيل لنفسه جزءا من الموارد الاقتصادية بحجة أنها تنتج في مناطقه، لأن ذلك يتعارض مع مبدأ السيادة الوطنية.
 

مكان انعقاد اللقاء لم يحدد بعد
وأوضح عباس ، أن مكان انعقاد اللقاء لم يحدد بعد، لكن في إمكانية عقده في دمشق، وأن هذه الخطوة ستكون إيجابية، وأن العاصمة السورية ترحب بالجميع، وأن هناك احتمالا أيضا بأن يعقد الاجتماع في الحسكة، خاصة وأن القادة الأمريكيين اعتادوا زيارة "قسد" هناك، لكني أرى أن عقد اللقاء في الحسكة سيكون سلبيا، وأنه من الضروري أن يكون في دمشق لما يحمله من دلالة سيادية.
 

توقيت اللقاء سيكون بعد انتهاء أعمال المجموعات الفنية
وختم اللواء عباس بأن توقيت اللقاء سيكون بعد انتهاء أعمال المجموعات الفنية التي تحضر لهذا التفاوض، وأن اللقاء بين مظلوم عبدي وتوماس براك لن يتم بشكل مباشر إلا بعد أن تنتهي هذه الفرق من دراسة الملفات والوصول إلى نقاط مشتركة، حيث سيكون ذلك تمهيدا لتوقيع الاتفاق والوصول إلى نهاية واضحة لهذا المسار التفاوضي.
 

مختار غباشي: لقاء مظلوم عبدي والمبعوث الأميركي نقطة تحول في الملف السوري

كشف الدكتور مختار غباشي، الأمين العام لمركز الفرابي للدراسات السياسية، عن أن اللقاء المرتقب بين المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، توماس باراك، والقائد العام لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، الجنرال مظلوم عبدي، يحمل دلالات سياسية كبرى في ظل التغيرات المتسارعة في المشهد السوري، لاسيما في شمال شرقي البلاد، حيث تتمتع قسد بسيطرة واسعة بدعم مباشر من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.
 

اللقاء سيُخصص لمناقشة آليات تنفيذ "اتفاق مارس"

وأوضح "غباشي"، في تصريحات خاصة لموقع "نيوز رووم", أن اللقاء سيُخصص لمناقشة آليات تنفيذ "اتفاق مارس"، الموقع بين قوات قسد والنظام السوري بقيادة الرئيس أحمد الشرع، والذي يُعد إحدى الوثائق السياسية الحساسة التي تحدد ملامح العلاقة المستقبلية بين الطرفين، خصوصًا فيما يتعلق بمصير "قسد" ككيان عسكري، والتعامل مع ملف الثروات الباطنية التي تتركّز بنسبة تقارب 90% في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
 

دمج قسد داخل الجيش السوري
 

وأضاف "غباشي" أن التركيز الأساسي لهذا اللقاء سيكون على مسار الدمج المؤسسي والعسكري، أي كيفية التعامل مع قوات قسد مستقبلًا: هل سيتم حلّها نهائيًا؟ أم دمجها جزئيًا أو كليًا ضمن القوات المسلحة السورية؟ مشيرًا إلى أن هذه النقطة تمثل حجر الزاوية في المفاوضات الجارية، نظرًا لتعقيداتها الإقليمية والدولية.
وأوضح أن الاجتماع لا يُتوقع أن يتطرق إلى ملفات أخرى كخفض التصعيد مع تركيا أو استئناف التفاوض مع أنقرة، لأن لهذه القضايا مساراتها التفاوضية المستقلة، مؤكدًا أن الملف الحالي يناقش شكل العلاقة بين قسد والنظام، إضافة إلى طبيعة الحكم في الشمال الشرقي، وإمكانية منحه إدارة ذاتية موسعة أو دمجه ضمن البنية المركزية للدولة.
 

إعادة الإعمار وضمانات الأمن الإقليمي على الطاولة
وحول البنود الإضافية المتوقعة، أشار "غباشي" إلى أن المباحثات قد تشمل ملف إعادة إعمار سوريا، خاصة المناطق الواقعة تحت سيطرة "قسد"، والتي تحتاج إلى استثمارات ضخمة لإعادة تأهيل بنيتها التحتية المدمّرة، وسط تساؤلات حول الجهة التي ستقود هذه العملية: هل ستكون بإشراف النظام، أم من خلال إدارة ذاتية بالتنسيق مع الأمم المتحدة والمجتمع الدولي؟
كما لفت إلى أن اللقاء المرتقب قد يبحث قضايا الضمانات الأمنية للإقليم، وفي مقدمتها الضغط على أنقرة لوقف العمليات العسكرية المستقبلية في الشمال الشرقي، إلى جانب مطالب بانسحاب تدريجي للقوات التركية من بعض المناطق الحدودية، وهي مطالب أساسية من جانب قيادة قسد، وستكون محورًا لأي تفاهم طويل الأمد.
 

توازن دقيق بين مطالب الأكراد ورؤية النظام
وختم الأمين العام لمركز الفرابي حديثه بالإشارة إلى أن هذا اللقاء يعكس محاولة أمريكية جديدة لفرض توازن دقيق بين مطالب الأكراد من جهة، ورؤية النظام السوري من جهة أخرى، مشددًا على أن إنجاح "اتفاق مارس" وتنفيذه على الأرض يتطلب مرونة سياسية كبيرة من الطرفين، وضمانات دولية تساهم في التهدئة، وفتح صفحة جديدة نحو تسوية سياسية شاملة في البلاد التي أنهكتها الحرب.

تم نسخ الرابط