مختار غباشي: لقاء مظلوم عبدي والمبعوث الأميركي نقطة تحول في الملف السوري

كشف الدكتور مختار غباشي، الأمين العام لمركز الفرابي للدراسات السياسية، عن أن اللقاء المرتقب بين المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، توماس باراك، والقائد العام لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، الجنرال مظلوم عبدي، يحمل دلالات سياسية كبرى في ظل التغيرات المتسارعة في المشهد السوري، لاسيما في شمال شرقي البلاد، حيث تتمتع قسد بسيطرة واسعة بدعم مباشر من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.
وأوضح "غباشي"، في تصريحات خاصة لموقع "نيوز رووم", أن اللقاء سيُخصص لمناقشة آليات تنفيذ "اتفاق مارس"، الموقع بين قوات قسد والنظام السوري بقيادة الرئيس أحمد الشرع، والذي يُعد إحدى الوثائق السياسية الحساسة التي تحدد ملامح العلاقة المستقبلية بين الطرفين، خصوصًا فيما يتعلق بمصير "قسد" ككيان عسكري، والتعامل مع ملف الثروات الباطنية التي تتركّز بنسبة تقارب 90% في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
دمج قسد داخل الجيش السوري
وأضاف "غباشي" أن التركيز الأساسي لهذا اللقاء سيكون على مسار الدمج المؤسسي والعسكري، أي كيفية التعامل مع قوات قسد مستقبلًا: هل سيتم حلّها نهائيًا؟ أم دمجها جزئيًا أو كليًا ضمن القوات المسلحة السورية؟ مشيرًا إلى أن هذه النقطة تمثل حجر الزاوية في المفاوضات الجارية، نظرًا لتعقيداتها الإقليمية والدولية.
وأوضح أن الاجتماع لا يُتوقع أن يتطرق إلى ملفات أخرى كخفض التصعيد مع تركيا أو استئناف التفاوض مع أنقرة، لأن لهذه القضايا مساراتها التفاوضية المستقلة، مؤكدًا أن الملف الحالي يناقش شكل العلاقة بين قسد والنظام، إضافة إلى طبيعة الحكم في الشمال الشرقي، وإمكانية منحه إدارة ذاتية موسعة أو دمجه ضمن البنية المركزية للدولة.
إعادة الإعمار وضمانات الأمن الإقليمي على الطاولة
وحول البنود الإضافية المتوقعة، أشار "غباشي" إلى أن المباحثات قد تشمل ملف إعادة إعمار سوريا، خاصة المناطق الواقعة تحت سيطرة "قسد"، والتي تحتاج إلى استثمارات ضخمة لإعادة تأهيل بنيتها التحتية المدمّرة، وسط تساؤلات حول الجهة التي ستقود هذه العملية: هل ستكون بإشراف النظام، أم من خلال إدارة ذاتية بالتنسيق مع الأمم المتحدة والمجتمع الدولي؟
كما لفت إلى أن اللقاء المرتقب قد يبحث قضايا الضمانات الأمنية للإقليم، وفي مقدمتها الضغط على أنقرة لوقف العمليات العسكرية المستقبلية في الشمال الشرقي، إلى جانب مطالب بانسحاب تدريجي للقوات التركية من بعض المناطق الحدودية، وهي مطالب أساسية من جانب قيادة قسد، وستكون محورًا لأي تفاهم طويل الأمد.
توازن دقيق بين مطالب الأكراد ورؤية النظام
وختم الأمين العام لمركز الفرابي حديثه بالإشارة إلى أن هذا اللقاء يعكس محاولة أمريكية جديدة لفرض توازن دقيق بين مطالب الأكراد من جهة، ورؤية النظام السوري من جهة أخرى، مشددًا على أن إنجاح "اتفاق مارس" وتنفيذه على الأرض يتطلب مرونة سياسية كبيرة من الطرفين، وضمانات دولية تساهم في التهدئة، وفتح صفحة جديدة نحو تسوية سياسية شاملة في البلاد التي أنهكتها الحرب.