قصة "ياسمين".. من تاريخ الآثار إلى صناعة الأمل في مطعم بالإسكندرية|فيديو

في قلب باب شرق التابعة لمحافظة الإسكندرية، وتحديدًا في شارع فؤاد العريق، قررت ياسمين سلامة أن تقلب معادلة العمل التجاري رأسًا على عقب لم تفتح مطعمًا فقط، بل فتحت قلبها، ووراء مطعم "مبروكة" الشهير، هناك قصة إنسانية تستحق أن تُروى.
من مقاعد الآثار إلى طاولة العطاء
ولدت ياسمين في أسرة مصرية متوسطة تضم خمسة أبناء لم يكن والداها حاصلين على تعليم عالٍ، لكنهما وضعا التعليم على رأس أولوياتهم، ما جعل ياسمين تُكمل مشوارها الدراسي في مدارس الراهبات الفرنسية، رغم أن لا أحد في العائلة كان يتحدث الفرنسية ، التحقت بكلية الآداب، قسم الآثار اليونانية والرومانية، بإصرار نابع من شغفها بالتاريخ، رغم رغبة أهلها في أن تلتحق بأداب فرنسي.

منذ أيام الجامعة، لم تكن ياسمين تبحث عن العمل بسبب الحاجة، بل لأنها أرادت أن تكون مستقلة، أن تشعر بأنها تصنع شيئًا خاضت تجارب كثيرة في عالم المبيعات والخدمة، بدءًا من محاولات متعثرة في التسويق الهاتفي، وصولًا إلى عمل مستقر في واحدة من كبرى سلاسل الهايبر ماركت، حيث شقت طريقها حتى أصبحت مديرة الموارد البشرية لعدة فروع لكن عام 2019 كان نقطة تحوّل.
الاستقالة.. والقرار الصعب
استقالت ياسمين من وظيفتها المستقرة، في لحظة اعتبرتها "صحوة" لم تكن تبحث عن وظيفة أخرى، بل عن معنى وعن مشروع يلامس جوهر إنسانيتها وهكذا، وُلدت فكرة "مبروكة".
"ما ينفعش الكرامة تبقى مقابل وجبة"، تقول ياسمين في لقاء لها مع الإعلامي محمود سعد، ببرنامج “باب الخلق” المذاع عبر قناة "النهار"، أنها كانت حريصة أن يكون الطعام المجاني مطابقًا لما يُقدَّم في الصالة الرئيسية، من حيث المذاق، المكونات، وحتى ترتيب الطاولة وحين يُسأل المحتاج: "هتدفع ولا لأ؟"، تُكسر روحه لذلك، وضعت ياسمين نظامًا لا يطلب فيه العاملون أي تفاصيل من يدخل صالة الطعام المجاني، يُعامَل بنفس الاحترام، لا يُسأل عن اسمه، ولا عن حالته، ولا عن قصته : "أنا مش جمعية خيرية، ولا فاتحة مطعم ربحي، أنا بحاول أعمل نموذج مختلف"، تشرح ياسمين.

من التمويل إلى التحديات اليومية
تابعت : "لم يكن الطريق سهلًا المشروع بدأ بتمويل ذاتي، بلا شركاء، بلا دعم حكومي، وبلا حملات تبرع كبيرة. كانت تعلم أن الأمر مخاطرة، لكنها آمنت بفكرتها واجهت تحديات تشغيلية، ضغوطًا مالية، وتساؤلات من كل حدب وصوب هتكملي كده لحد إمتى؟".
أحلام ياسمين أكبر من مطبخ صغير
واختتمت :"نفسي كل مدينة في مصر يبقى فيها مكان زي مبروكة"، تقول وهي تبتسم مش علشان الأكل.. علشان الكرامة وفي عالم يسعى فيه الناس للربح، سعت ياسمين إلى الرحمة صنعت من مطبخ بسيط حكاية كبيرة، ومن مشروع فردي نموذجًا جماعيًا "مبروكة" ليس اسم مطعم فقط، بل دعوة لكل إنسان أن يُبارك في حياة غيره، ولو بوجبة.