انخفاض هرمون INSL3 بسبب أمراض الطفولة يهدد خصوبة الرجال وصحتهم العامة

في تطور علمي لافت قد يُغيّر الطريقة التي ننظر بها إلى صحة الرجال، كشفت دراسة بريطانية حديثة أن المشاكل الصحية التي يتعرض لها الذكور في طفولتهم، مثل السمنة أو الالتهابات الفيروسية، قد تترك آثارًا بيولوجية طويلة الأمد، تؤثر على صحتهم الإنجابية والجسدية بعد البلوغ.
نتائج تربط بين الطفولة ومستقبل الرجل الصحي
البحث الذي أجرته جامعة نوتنغهام البريطانية، ونُشر في مجلة Andrology المتخصصة، رصد تأثير بعض العوامل الصحية في سنوات الطفولة الأولى على مستويات هرمون يُعرف باسم INSL3 لدى الرجال في سن 24 عامًا. هذا الهرمون الذي تنتجه الخصيتان، يُعد من المؤشرات الحيوية المهمة لصحة الرجل، حيث يرتبط مباشرة بقدرة الخصيتين على إفراز هرمون التستوستيرون، وبالتالي يؤثر على الخصوبة، والصحة الجنسية، والعامة.
وأشارت الدراسة إلى أن انخفاض مستويات هذا الهرمون بنسبة تتراوح بين 10 و15% ظهر بوضوح لدى من تعرضوا لمشاكل صحية في الطفولة، وعلى رأسها الوزن الزائد أو الإصابة بفيروسات شائعة مثل جدري الماء.
الطفولة ليست مجرد مرحلة بل مرآة لمستقبل صحي
الباحثون اعتمدوا في دراستهم على تحليل بيانات شملت رجالًا من مواليد التسعينيات ضمن دراسة طويلة الأمد في بريطانيا، وقد رُصدت الفروقات الهرمونية بين من مرّوا بطفولة صحية، وآخرين عانوا من أمراض أو اضطرابات مبكرة.
وأوضح الدكتور رافيندر أناند-إيفل، أستاذ علم الغدد التناسلية المشارك في الدراسة، أن صحة الخصيتين، ومستوى هرمون INSL3، يتأثران بشكل كبير بما يحدث قبل سن البلوغ، خصوصًا في حالة الأمراض المزمنة أو السمنة أو التعرض المبكر للفيروسات.
وأضاف: ما يحدث في الطفولة لا يختفي مع النمو، بل يترك بصماته على الصحة العامة للرجل حتى بعد عقود.
العواقب المحتملة لانخفاض INSL3
ما يجعل نتائج الدراسة مثيرة للقلق هو أن انخفاض هذا الهرمون لا يقتصر على التأثير في الخصوبة فحسب، بل يرتبط أيضًا بزيادة خطر الإصابة بأمراض مزمنة شائعة مثل:
- السكري من النوع الثاني
- أمراض القلب والأوعية الدموية
- هشاشة العظام
- الضعف الجنسي المرتبط بالهرمونات
وهذه النتائج، بحسب الباحثين، تعزز فرضية أن مؤشرات الصحة الإنجابية يمكن أن تكشف الكثير عن المستقبل الصحي العام للرجل.
فحص جديد قد يغير قواعد الوقاية
انطلاقًا من أهمية هذه النتائج، يعمل الفريق البحثي على تطوير اختبار معملي سريع لهرمون INSL3، يمكن أن يُدرج مستقبلاً ضمن الفحوصات الدورية للرجال، خاصة من تجاوزوا سن الثلاثين أو لديهم عوامل خطورة.
ويؤمل أن يساهم هذا الفحص في الكشف المبكر عن الرجال المعرضين لتراجع الخصوبة أو الإصابة بأمراض مزمنة، مما يفتح الباب أمام التدخل المبكر والوقاية طويلة الأمد.
توصيات لحماية صحة الرجال منذ الصغر
في ضوء هذه النتائج، وجّه الباحثون مجموعة من التوصيات للأسر والأطباء وصانعي السياسات الصحية، أبرزها:
- الاهتمام بالتغذية الصحية للأطفال الذكور منذ السنوات الأولى.
- الوقاية من السمنة عبر النشاط البدني اليومي والأنظمة الغذائية المتوازنة.
- الالتزام ببرامج التطعيم لحماية الأطفال من الفيروسات المؤثرة على النمو.
متابعة النمو الهرموني في مراحل البلوغ المبكرة، خصوصًا لدى الأطفال الذين تعرضوا لمشكلات صحية في الطفولة.
الطفولة استثمار في صحة الرجل مدى الحياة
تشير هذه الدراسة إلى أن مستقبل الرجال الصحي يبدأ في سنواتهم الأولى، وأن أي تقصير في الرعاية الصحية خلال الطفولة قد يتحول لاحقًا إلى تحدٍ مزمن، يؤثر على جودة حياتهم الجسدية والنفسية.
فالاهتمام بالصحة في سن مبكرة لا يصب فقط في صالح الطفل، بل يشكل استثمارًا طويل الأمد في مستقبل رجل يتمتع بالقوة، والخصوبة، والحيوية.