بعد أزمة سد النهضة.. هل استخدام السد لتوليد الكهرباء فقط أم للزراعة أيضًا؟
في تطور جديد لأزمة سد النهضة، أعلنت إثيوبيا مؤخرًا اكتمال بناء سد النهضة وافتتاحه رسميًا، وسط تجاهل تام لمطالبات القاهرة والخرطوم بالتوصل إلى اتفاق ملزم ينظم قواعد ملء وتشغيل السد، الإعلان الإثيوبي لم يكن مفاجئًا فقط من حيث التوقيت، بل حمل في طياته تأكيدًا جديدًا على سياسة فرض الأمر الواقع، التي اتبعتها أديس أبابا على مدار 14 عامًا، بدءًا من وضع حجر الأساس عام 2011، وصولًا إلى التخزين والتشغيل دون تنسيق أو توافق مع دولتي المصب.
عباس شراقي: ما حدث عدوان مائي على مصر
وقال الدكتور عباس شراقي، أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، في تصريحات لـ "نيوز رووم"، إن إعلان إثيوبيا انتهاء بناء السد وافتتاحه الرسمي دون أي اتفاق مع مصر أو السودان يعد "عدوانًا على مصر"، ويجسد انفرادًا بالقرارات المصيرية بشأن نهر النيل.
هل السد لاستخدام توليد الكهرباء فقط أم سيتم استخدامة في عمليات استصلاح زراعي؟
وردًا على التساؤلات بشأن استخدام مياه السد لأغراض الزراعة، أوضح شراقي أن الطبيعة الجغرافية لمنطقة السد لا تسمح بري مساحات زراعية كبيرة، حيث إنها مناطق جبلية وتعتمد على الأمطار.
وأضاف أن السعة القصوى للري لا تتجاوز 200 ألف فدان، وهي مساحة ضئيلة لا تمثل تهديدًا حقيقيًا على تدفقات المياه لمصر.
وأكد أن المياه التي تمر عبر التوربينات لتوليد الكهرباء تستمر في طريقها نحو السودان ومصر، ما يجعل استخدام السد لأغراض الزراعة غيرعملي، وبالتالي فإن استخداماته تظل مقتصرة على توليد الطاقة.
وأشار إلى أن بحيرة السد حاليًا تحتوي على نحو 60 مليار متر مكعب من المياه، وهي الكمية التي تم تخزينها خلال السنوات الماضية. وحذر من أن استمرار تخزين هذه الكمية دون تشغيل منتظم للتوربينات قد يُعرض السد لمخاطر فيزيائية وهيدرولوجية، خاصة في ظل بدء موسم الأمطار الجديد، ما سيدفع إثيوبيا لفتح البوابات لتصريف المياه بدون توليد كهرباء.
مصر ترفض إعلان إثيوبيا اكتمال سد النهضة: خطوة أحادية وتصعيد خطير
وأوضح أن إثيوبيا خلال السنوات الماضية اتخذت قرارات أحادية من الملء الأول وحتى التشغيل، والآن تُعلن بكل وضوح أنها انتهت من كل شيء دون أي اعتبار لمطالب مصر بالتوافق والعدالة.
وأضاف أن هذا المسار غير المقبول يعكس تجاهلًا تامًا لمبدأ التعاون المشترك، ويمنح إثيوبيا سلطة مطلقة على التحكم في بوابات السد وكمية المياه المتدفقة إلى دولتي المصب، ما يمثل تهديدًا مباشرًا للأمن المائي المصري والسوداني.
لا نهاية للتفاوض رغم اكتمال البناء
ورغم اكتمال بناء السد وافتتاحه، شدد شراقي على أن مصر والسودان سيواصلان المطالبة باتفاق قانوني عادل وملزم، خاصة وأن السد خلال السنوات القادمة سيظل في حالة تشغيل وتفريغ مستمر، وهو ما يتطلب تنسيقًا دقيقًا بين الدول الثلاثة.
وأوضح أن عملية تشغيل التوربينات واستخدام مياه التخزين في توليد الكهرباء، يعقبها بالضرورة إعادة ملء الخزان، وبالتالي فإن استمرار أي تصرفات أحادية من جانب إثيوبيا، دون إبلاغ أو تنسيق مع مصر والسودان، يهدد سلامة المنظومة المائية في حوض النيل ويزيد احتمالات التصعيد.
في حالة عدم وجود اتفاقية بعد بناء سد النهضة.. ماذا سيحدث ؟
وحذر الدكتور شراقي من أن عدم التوصل إلى اتفاق بعد اكتمال بناء السد يعني ترسيخ سابقة خطيرة ستدفع إثيوبيا مستقبلًا إلى بناء مزيد من السدود بنفس الطريقة، أي دون الرجوع إلى دول المصب. وأشار إلى أن ما جرى منذ 2011 وحتى الآن يؤسس لعقيدة إثيوبية مفادها أن أي مشروع مائي جديد يمكن تنفيذه دون تنسيق، وهو أمر مرفوض تمامًا من مصر.
هل تأثرت حصة مصر بـ سد النهضة؟
نفى الدكتور شراقي ادعاءات رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، الذي قال إن حصة مصر لم تتأثر.
وأكد أن كمية المياه المخزنة – 60 مليار متر مكعب – لو لم تُحتجز خلف السد، لكانت وصلت لمصر والسودان، وبالتالي لا يمكن إنكار أن هناك ضررًا وقع فعليًا على دول المصب.
