عاجل

من طبيبة أسنان إلى "مدربة آباء".. كيف وجدت نيرة إيهاب شغفها في الغربة؟

نيرة إيهاب
نيرة إيهاب

في عمر الـ29، كانت نيرة إيهاب تعيش ما يشبه "رحلة بحث عن الذات"، رحلة بدأت في قلب القاهرة، وسط عائلة محبة وفرت لها كل شيء، لكنها افتقدت شيئًا واحدًا: أن تكون "هي" بحق، لم تكن تعرف ما تحبه أو تكرهه، ولم تشعر أن لها شخصية مستقلة، وهو ما جعلها تتوه وسط الخيارات.

حين وصلت إلى ورقة رغبات الكليات بعد الثانوية العامة، جلست نيرة تحدق في الفراغ. رغم المجموع العالي الذي يؤهلها لأي كلية، لم تكن تعرف إلى أين تتجه، لماذا يبدو الجميع شغوفًا بشيء ما بينما هي لا؟ هكذا وجدت نفسها في كلية طب الأسنان، في تجربة لم تُشعرها يومًا بالسعادة.

أنهت دراستها ومارست المهنة لثلاث سنوات، لكنها كانت متأكدة أن هذا الطريق ليس لها، من أول يوم كمعيدة في الكلية، لاحظت أن ما يميزها ليس الطب، بل قدرتها على تبسيط المعلومة، فبدأت تسمع من حولها يقولون: "ليه ما تبقيش مدرسة؟".

ودون تردد، تركت نيرة طب الأسنان، وبدأت رحلة جديدة في التدريس، طرقت أبواب مدارس كثيرة حتى وجدت فرصة، ومع أول سنة شعرت أنها أقرب إلى ذاتها، لكنها لم تكن هناك بعد.

ثم جاء المنعطف الأهم: أصبحت أمًا، وانتقل زوجها للعمل خارج مصر، كانت بداية جديدة في بلد غريب، بلا أصدقاء، بلا عائلة، ومع طفل رضيع.

في هذا العزل، وجدت نيرة نفسها تائهة مرة أخرى، تبحث بين النصائح المختلفة عن ما هو "صحيح" لتربية طفلها، كانت في رحلة تدوير لا تنتهي، لكنها فكرت: لماذا لا أشارك ما أتعلمه مع أمهات أخريات على السوشيال ميديا؟

ومع أول منشور، شعرت نيرة أن هذه هي المرة الأولى التي تفعل فيها شيئًا تحبه بصدق.

اليوم، وبعد ست سنوات من العمل في مجال دعم الآباء، تؤكد نيرة أن أصعب ما في رحلتها كان "الاستمرارية"، تعترف بأنها في بعض الأوقات شعرت بالإحباط حين لم ترَ النتيجة التي تأملها، لكنها، رغم التحديات، واثقة دومًا من العودة.

وجودها على السوشيال ميديا لم يكن النهاية بل البداية؛ درسَت "تدريب الآباء – Parent Coaching" وحصلت على شهادة معتمدة، ثم نالت شهادة في تعديل السلوك من جامعة عين شمس، وبدأت تقدم ورشًا تدريبية للأمهات.

نيرة اليوم فخورة بأنها بنت حياة من جديد، في بلد غريب، وأنها تربي ابنها بطريقة تشعر بالرضا عنها، تعرّفت على ما تحبه، وما زالت تكتشف، ولو عادت بالزمن، لن تنصح نفسها سوى بشيء واحد: "تعرفي على نفسك أكتر، واستمعي لها."

تم نسخ الرابط