عاجل

الفن في مصر ليس ترفًا، ولا شيئًا ثانويًا… بل ثروة قومية وقوة ناعمة حقيقية. به وصلنا إلى كل بيت عربي، ومن خلال مواهب عظيمة مثل أم كلثوم وعبد الوهاب وعبد الحليم وإسماعيل ياسين وعادل إمام وسمير غانم، ملأنا الشاشات بالبهجة والحب والشجن ،  ولازال نجوم السينما المصرية  الآن هم الأهم والأعلى أجراً والأكثر مشاهدة في الوطن العربي ، فالفن المصري رافق الإنسان العربي في كل مراحله، وكان ولا يزال سفيرًا حقيقيًا لوجداننا ومشاعرنا.

من هنا أرفض كل ما يُثار مؤخرًا تجاه شيرين عبد الوهاب وأنغام، سواء عبر مواقع التواصل أو في وسائل الإعلام. ما يحدث مع شيرين منذ موقفها في مهرجان “موازين” المغربي حتى الآن، من شماتة وتطاول وسخرية، أمر مؤسف. فنحن نتحدث عن واحدة من أهم الأصوات في تاريخ الغناء المصري المعاصر.

شيرين ليست مجرد مطربة. هي بنت بلد، صوت وإحساس نادر،موهبة خالصة، قادرة على أن تكون مشروعًا قوميًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى. نعم  ظلمت نفسها باختياراتها، تمر بتحديات وأزمات، لكنها  عادت ،تحاول أن تقاوم وتبتعد عن أذى من حولها. تسعي للوقوف من جديد. لكنها وحدها. وهذا أخطر ما في الأمر.

لذلك أناشد وزير الثقافة الراقي، الدكتور أحمد هنو، أن يتدخل شخصيًا لدعمها. أن يقابلها، يطمئنها، ويقول لها: “موهبتك غالية علينا، ومكانتك محفوظة”. وزارة الثقافة مطالَبة بدورها في رعاية الفنانين، وحمايتهم من أنفسهم ومن المتربصين بهم ، والدكتور هنو لانه فنان يستطيع ان يقوم بهذا الدور .
كما أوجه دعوة صادقة ل أحمد عبيد، مستشار الوزير، وأحد أبرز خبراء التسويق الفني، لتصميم برنامج دعم وتأهيل خاص بشيرين. برنامج يشمل تأهيلًا نفسيًا وفنيًا، ويمنحها مساحة آمنة بعيدًا عن الضغوط، لا يتواصل معها خلالها إلا بناتها وفريق متخصص. لدينا الكفاءات والقدرة، لا  نريدتكرار أخطاء الماضي  وهنا استعدي ذكري مؤلمة لنهاية سعاد حسني أو  حتي عالمياً  لويتني هيوستن.

أما أنغام، فهي نموذج لقوة المرأة المصرية. تسقط وتنهض، تتألم فتغني، تواجه وتكمل الطريق وحدها. تداري جراحها، وتترجمها لأغانٍ تمسّ القلب،  من “ياريتك فاهمني” إلى “اسكت… مش كبرنا”. أنغام لا تستحق منا إلا الدعم والتقدير، لا الهجوم ولا المزايدة. هي فنانة كبيرة، وتبقى رقمًا مهمًا في الساحة العربية رغم ما مرت به من أزمات.
أتساءل: لماذا نستدرجها إلى معارك جانبية لا ناقة لها فيها ولا جمل؟ ولماذا نختزل الفن المصري في معارك “مين صوت مصر؟”! الحقيقة أن مصر لا تختصر في شخص، ولا في صوت واحد. كل صوت فيها له مكانته ومساحته. ومصر أكبر من صراعات الـ”نمبر وان”.
أنا لا أدافع عن شيرين أو أنغام فقط. بل أدافع عن قيمة الفن المصري نفسه، الذي يربطنا بشعوب المغرب العربي، والشام، والخليج، وكل العالم العربي. الفن هو الجسر الحقيقي بين القلوب. وهو أملنا الأخير في زمن امتلأ بالتناحر السياسي والانقسام.
شيرين وأنغام ليستا مجرد نجمين، بل رمزان لقوتنا الناعمة. واجبنا أن نحتضنهما، نكرّمهما، وندافع عنهما متى احتاج الأمر وهو ما يحدث من كل دول العالم مع نجومها  ، فنحن من نكتب الحكاية ونختار من اي زاوية نعرضها.
أما منصات التواصل التي تحوّلت لساحات تشويه للرموز… فهذا حديث آخر، وله مقامه في مقال قادم.

تم نسخ الرابط