عالم بالأوقاف: الرحمة عند المقدرة شيمة الكبار وقوة لا تُضاهى |فيديو

أكد الدكتور أيمن أبو عمر، من علماء وزارة الأوقاف، أن الرحمة الحقيقية تتجلى بأبهى صورها عندما يكون الإنسان في موضع قوة، مشيرًا إلى أن العفو عند المقدرة ليس دليل ضعف، بل هو سلوك يعكس عظمة النفس وسمو الأخلاق.
العفو في الإسلام
وخلال حلقة برنامج "رحماء بينهم"، المذاع على قناة الناس، أوضح الدكتور أيمن أن الإسلام قدم نماذج خالدة للرحمة والتسامح، حيث جسّد الأنبياء والصحابة هذه القيم حتى في أشد اللحظات قسوة.
واستشهد بموقف النبي يوسف عليه السلام، حين سامح إخوته بعد أن ألقوه في الجب وباعوه عبدًا، فقال لهم بكل سماحة:" لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين".
وأضاف أن النبي محمد ﷺ، قدّم أروع مثال للعفو يوم فتح مكة، حينما تمكن من خصومه الذين اضطهدوه وحاربوه لسنوات، ومع ذلك لم ينتقم، بل خاطبهم قائلًا:" اذهبوا فأنتم الطلقاء"، في درس خالد عن التسامح والقوة الحقيقية.
القوة ليست في السيطرة
وشدّد الدكتور أيمن على أن مفهوم القوة في الإسلام لا يُقاس بالسيطرة على الآخرين أو الانتقام منهم، وإنما بالقدرة على ضبط النفس وممارسة الرحمة حتى عند امتلاك السلطة.
واستدل بقول الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه:" متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا؟"، مؤكدًا أن هذا المبدأ يعكس فلسفة الإسلام القائمة على العدل والرحمة في التعامل مع البشر.
مفتاح التأثير الحقيقي
وأشار الدكتور أيمن إلى أن العفو عند المقدرة ليس فقط تصرفًا أخلاقيًا نبيلًا، لكنه أيضًا وسيلة فعالة لبناء مجتمعات قوية ومتراصة؛ فالرحمة وقت القوة لا تقلل من هيبة صاحبها، بل تزيد من مكانته في قلوب الناس، حيث يصبح أكثر تأثيرًا واحترامًا.
وأضاف أن المجتمعات التي تقوم على التسامح والعفو هي الأكثر استقرارًا وتقدمًا، لأن الرحمة تعزز العلاقات الإنسانية وتبني جسور الثقة بين الأفراد.

الرحمة ليست ضعفًا
واختتم الدكتور أيمن حديثه بالتأكيد على أن التسامح ليس استسلامًا ولا ضعفًا، بل هو صفة الأقوياء الذين يملكون إرادة حقيقية للتحكم في مشاعرهم.
وأوضح أن القوي ليس من يرد الإساءة بالإساءة، بل من يمتلك القدرة على العفو متى شاء، مستشهدًا بحديث النبي ﷺ:" ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب".
وجّه الدكتور أيمن رسالة إلى الجميع بضرورة التحلي بالرحمة والتسامح في حياتهم اليومية، سواء في الأسرة أو في العمل أو في المجتمع بشكل عام، مشيرًا إلى أن العفو عند المقدرة هو من شيم العظماء، وهو ما يترك أثرًا إيجابيًا في القلوب، ويجعل الحياة أكثر صفاءً وسلامًا.