البدانة في سن الخامسة.. قد يكون الأوان قد فات لتجنب الأمراض لاحقًا

مع تصاعد معدلات السمنة بين الأطفال في بريطانيا، حذر تقرير طبي حديث من الأمراض التي قد تصيب الأطفال، وأن الوقاية يجب أن تبدأ مبكرًا جدًا، إذ يصبح من الصعب تغيير مسار الوزن الزائد بعد سن الخامسة.
الباحثون في أكاديمية العلوم الطبية البريطانية والأكاديمية الوطنية الإيطالية دعوا إلى تحرك عاجل لتجنب ترسيخ أنماط الحياة غير الصحية في سنوات الطفولة المبكرة، مؤكدين أن السنوات الأولى هي الحاسمة في تشكيل مستقبل الصحة الجسدية للفرد.
الألف يوم الأولى: نافذة ذهبية للتدخل
يشير التقرير إلى أن الفترة الممتدة من الحمل وحتى بلوغ الطفل عامه الثاني – أي أول 1000 يوم – تشكل مرحلة حاسمة في تطور الطفل وصحته على مدار الحياة، والأمراض التي قد تصيب الأطفال
ويوصي الباحثون بعدة إجراءات يمكن أن تسهم في تجنب السمنة، مثل مساعدة النساء على بدء الحمل بوزن صحي، وتشجيع الرضاعة الطبيعية التي ترتبط بتقليل خطر السمنة، إضافة إلى تجنب النمو السريع المفاجئ للأطفال ذوي الوزن المنخفض عند الولادة.
وأوضحت الأستاذة سوزان أوزان، المشاركة في إعداد التقرير، أن الهدف يجب أن يكون الحفاظ على مسار وزني صحي من البداية، مضيفة: "بمجرد أن تُرسخ السمنة، يصبح من الصعب عكس آثارها".

أرقام صادمة: ملايين الأطفال يعانون من الوزن الزائد
بحسب التقرير، هناك 1.3 مليون طفل يعانون من السمنة في بريطانيا، إضافة إلى 2.3 مليون طفل آخرين يعانون من زيادة في الوزن.
وتُظهر الإحصائيات أن واحدًا من كل عشرة من الأطفال في بداية المرحلة الدراسية في إنجلترا يُصنف كبدين، فيما ترتفع النسبة إلى أكثر من 22% بين الأطفال في الصف السادس (سن 10-11 عامًا).
كما بينت الأرقام أن السمنة أكثر شيوعًا بين الأولاد مقارنة بالبنات، وتزداد نسبتها في المناطق الفقيرة مقارنة بالمناطق الثرية، مما يخلق "حلقة مفرغة" من التفاوتات الاجتماعية والصحية.
الرسائل الإيجابية أفضل من وصم السمنة
يشدد التقرير على أن تصوير السمنة كعيب شخصي يؤدي إلى وصم الأطفال والأسر، وهو أمر قد يزيد من مخاطر السلوكيات الغذائية غير الصحية.
ويقترح الباحثون استخدام رسائل إيجابية تركز على فوائد الحفاظ على الوزن الصحي بدلاً من اللوم والتقريع، موضحين أن البيئة المحيطة تلعب دورًا حاسمًا في تشكيل العادات الغذائية والنشاط البدني.

خطة حكومية جديدة.. ولكن هل تكفي؟
بالتزامن مع صدور التقرير، تستعد الحكومة البريطانية لإطلاق خطة صحية لعشر سنوات تهدف إلى الوقاية من الأمراض وتقليص الضغط على نظام الصحة العامة (NHS).
من بين المقترحات: إلزام المتاجر بتحديد أهداف لزيادة مبيعات المنتجات الصحية، وتشجيع صناعة الأغذية على تقديم خيارات أقل دهنية وسكرًا.
لكن مؤلفي التقرير شددوا على ضرورة فرض تنظيمات صارمة على الصناعة الغذائية بدلاً من الاعتماد على الاتفاقيات الطوعية، مشيرين إلى أن فرض ضرائب على المنتجات غير الصحية وتقديم دعم مالي للخيارات الصحية قد يكون أكثر فاعلية.
بناء مجتمع أكثر صحة يبدأ من المهد
تختتم الأستاذة روزاليند سميث، نائبة رئيس الأكاديمية، بالتأكيد على أن "معالجة التفاوتات الصحية في السنوات الأولى لا تحسّن نتائج الأفراد فقط، بل تضع أساسًا لمجتمع أكثر صحة وإنتاجية".
وأضافت: "الوقاية تتطلب تنسيقًا واسع النطاق بين جميع القطاعات الحكومية، وليس فقط القطاع الصحي".