عاجل

"منعزل لكنه قوي".. كيف بنت كندا حصنًا اقتصاديًا داخليًا ضد ترامب؟

مارك كارني رئيس وزراء
مارك كارني رئيس وزراء كندا

نجح رئيس الوزراء الكندي مارك كارني في تنفيذ أحد أبرز وعوده الانتخابية، بإلغاء الحواجز التجارية الداخلية في كندا مع بداية يوليو، في خطوة تهدف لتعزيز الاقتصاد الوطني في مواجهة التعريفات الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الصادرات الكندية.

ووفق ما أوردته صحيفة نيويورك تايمز، فقد تمكّن كارني، الرئيس السابق لبنك كندا والمحافظ السابق لبنك إنجلترا، من تمرير قانون جديد عبر البرلمان خلال الأسبوع الماضي، يُلغي العقبات والعوائق التجارية الخاضعة للسلطة الفيدرالية.

إستراتيجية "اقتصاد موحّد"

ومنذ تسلّمه المنصب في الربيع الماضي، دفع كارني بمشروع إصلاحي ركز على تعزيز التبادل التجاري بين المقاطعات الكندية نفسها كوسيلة لتعويض أي خسائر محتملة جراء تقلص التصدير إلى الولايات المتحدة.

وقال في بيان رسمي: "عندما نبني اقتصادًا كنديًا واحدًا، فإننا نمنح أنفسنا أكثر مما قد تأخذه منا أي دولة أخرى، سنكون أقوى اقتصاد في مجموعة السبع".

وكان لافتًا إلى أن كارني ألغى ضريبة فرضتها حكومته على شركات التكنولوجيا الكبرى مثل غوغل وآبل، بعد أن ألغى ترامب محادثات تجارية احتجاجًا على هذه الضريبة.

عقبات إقليمية باقية

ورغم الإنجاز الفيدرالي، لا تزال العوائق التي تفرضها المقاطعات تشكّل تحديًا كبيرًا أمام التجارة الداخلية، فكل مقاطعة تحتفظ بقواعد ومعايير ولوائح مختلفة، ما يزيد من التكاليف الورقية والأعباء على الشركات، ويحول دون إنشاء سوق كندية موحّدة.

كما أن عدم وجود جهة موحدة لتنظيم سوق الأوراق المالية في كندا بعكس نموذج "SEC" الأمريكي يجعل بيئة الاستثمار معقدة وغير موحدة، وهو ما يشكل عبئًا على الشركات والمستثمرين.

مشكلة التراخيص المهنية

وتبرز مشكلة كبرى في قدرة المهنيين على التنقل بين المقاطعات، إذ ما زال من الصعب الاعتراف بالتراخيص المهنية الصادرة عن مقاطعة في مقاطعة أخرى، فمثلًا، تراجعت نوفا سكوتيا عن قانون كان سيسمح بهذا الاعتراف، بسبب نقص آليات الرقابة على الممارسات خارج المقاطعة.

تقديرات الفوائد الاقتصادية

يرى بعض الاقتصاديين أن تحرير التجارة الداخلية قد يرفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تتراوح بين 4.4% و7.9% على المدى الطويل، لكن آخرين، مثل الاقتصادي روبرت جانيه من جامعة مونتريال، يحذرون من المبالغة في تقدير النتائج، مؤكدين أن تكاليف النقل والإنتاجية المنخفضة تمثل تحديات حقيقية أكبر من الحواجز التنظيمية.

تحديات الصناعة والمستقبل

تدهور الصناعة التحويلية الكندية منذ عقود لا يزال واضحًا، بعد أن نزحت العديد من الصناعات إلى الخارج إثر توقيع اتفاقيات التجارة الحرة مع أمريكا، ويُستبعد أن تعود هذه المصانع لمجرد تصعيد تجاري عابر مع واشنطن.

ومن المقرر أن يجتمع وزراء التجارة في المقاطعات الكندية يوم 8 يوليو للاتفاق على خارطة طريق لتقليل القيود المتبقية، في ظل تأكيد وزيرة الشؤون الداخلية كريستيا فريلاند على أن تعزيز التجارة الداخلية "يعني تعزيز الثقة بين الكنديين أنفسهم".

ومع ذلك، يحذر خبراء قانونيون مثل ريتشارد باورز من أن مقاومة المقاطعات للتنازل عن سلطاتها التنظيمية قد تعرقل المشروع، قائلًا:  الأمر لا يتعلق فقط بالقواعد، بل بمن يملك زمام السلطة في كندا".

تم نسخ الرابط