كيف توصلت إسرائيل إلى أماكن العلماء النوويين واغتيالهم في حرب إيران؟

شهدت العاصمة الإيرانية طهران في فجر 13 يونيو، سلسلة من الهجمات الإسرائيلية الدقيقة التي استهدفت عددًا من العلماء المرتبطين بالبرنامج النووي الإيراني، ما أدى إلى مقتل تسعة منهم على الأقل، العملية، التي تم تنفيذها بتخطيط دقيق وتنسيق محكم، مثلت ضربة مؤلمة للبنية العلمية والتقنية لبرنامج طهران النووي.
ووفق مصادر لصحيفة وول ستريت جورنال، جرت الهجمات بشكل متزامن في مواقع مختلفة لمنع المستهدفين من الفرار أو اتخاذ تدابير مضادة، حيث تشير التحليلات إلى أن هذا النوع من العمليات يتطلب اختراقًا استخباراتيًا عالي المستوى ومراقبة طويلة الأمد لتحركات العلماء.
هجوم إسرائيلي يستهدف العقول النووية الإيرانية
وبعد أيام قليلة، اغتيل العالم سيد صديقي صابر في شمال إيران، على الرغم من بدء سريان وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران.
ويُعرف عن صابر أنه كان ضمن قائمة العقوبات الأمريكية الأخيرة بسبب عمله على عناصر حساسة في مجال التخصيب النووي وتطوير الرؤوس الحربية.
وتشكل العملية تصعيدًا نوعيًا في الصراع الخفي بين إسرائيل وإيران، حيث ركزت تل أبيب هذه المرة على العقول" بدلاً من البنية التحتية، بهدف ضرب القدرات من جذورها عبر استهداف من يمتلكون المعرفة والخبرة التكنولوجية الحيوية.
خطة اغتيالات طويلة الأمد
وتعد الضربات امتدادًا لحملة إسرائيلية بدأت منذ نحو 15 عامًا لتعطيل مسار إيران النووي من خلال تصفية الكفاءات العلمية التي شاركت في مشروع الأسلحة النووية الإيراني، خاصة أولئك الذين كانوا ناشطين قبل 2003، فيما ترى جهات غربية أن هذه السياسة حققت نجاحًا كبيرًا في تأخير تقدم البرنامج.
وأشار خبراء أمنيون إلى أن الضربات الأخيرة استهدفت علماء متخصصين في مجالات دقيقة، من بينها أنظمة التفجير المتقدمة، وعمليات ضبط تفاعل النيوترونات، وهي مهارات لا تُكتسب بسهولة ولا يمكن تعويضها بسرعة.
من فخري زاده إلى عباسي دواني
وتُعد هذه الهجمات أول عملية واسعة من نوعها منذ اغتيال محسن فخري زاده عام 2020، الذي يُعتبر العقل المدبر للمشروع النووي الإيراني.
كما استهدفت إسرائيل في الهجمات الأخيرة شخصيات بارزة مثل فريدون عباسي دواني، الذي نجا من محاولة سابقة، بالإضافة إلى محمد مهدي ترانشي، خبير المتفجرات النووية البارز.
ولم تقتصر الهجمات لم تقتصر على الأفراد فقط، بل طالت أيضًا منشآت بحثية ومقار تابعة لجهات تعتبر الوريث المباشر لمشروع "عماد"، ما يشير إلى تحوّل في طبيعة العمليات نحو شلّ البنية التنظيمية والمعرفية للمشروع النووي الإيراني.
إيران تستجيب بجيل جديد
رغم الخسائر الفادحة جراء الضربات الإسرائيلية، تؤكد تقارير أن إيران بدأت منذ سنوات العمل على إنشاء شبكة بديلة من الكفاءات العلمية، عبر برامج خاصة في جامعات مرموقة مثل الشهيد بهشتي، شريف، ومالك أشتر، حيث يتم تأهيل جيل جديد من الباحثين في مجالات فيزياء النيوترونات والتفاعلات النووية ذات الاستخدام المزدوج.
وتسعى طهران من خلال هذه المقاربة إلى حماية مشروعها النووي من الانهيار، مستفيدة من أرشيف المعلومات النووي وبيئة البحث الأكاديمي التي توفر الغطاء المدني لتطوير تقنيات حساسة.