ثورة 30 يونيو.. نقطة تحول في استعادة الدور الثقافي للدولة

لقد جاءت ثورة 30 يونيو كحائط صد في وجه محاولات طمس الهوية الثقافية، لتفتح الباب من جديد أمام تيارات التنوير والتجديد والإبداع، ومنذ ذلك الحين، بدأت الدولة في استعادة دورها كمحرك للثقافة الوطنية، من خلال دعم الفنون، وإحياء قصور الثقافة، وتشجيع المبادرات الشبابية، وتوسيع نطاق المشاركة الثقافية في المحافظات والقرى.
كما أُعيد الاعتبار لقوة مصر الناعمة باعتبارها أداة حيوية في مواجهة التطرف، وتعزيز الانتماء، وبناء الوعي الجمعي، وفي هذا التقرير، نستعرض تصريحات الكاتب محمد عبد الحافظ ناصف ، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لقصور الثقافة والدكتور شوكت المصري أستاذ النقد الأدبي.
تعزيز البنية التحتية الثقافية
قال الكاتب محمد عبد الحافظ ناصف، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لقصور الثقافة، إن بداية الولاية الأولى للرئيس عبد الفتاح السيسي شكّلت تحولًا حقيقيًا في النظرة إلى دور الهيئة، حيث تم إيلاء اهتمام بالغ بتعزيز البنية التحتية الثقافية في مختلف المحافظات، وخاصة في المناطق الحدودية والمحرومة من الخدمات الثقافية. وأوضح أن الميزانيات المخصصة للمشروعات الثقافية شهدت طفرة غير مسبوقة، حيث ارتفعت من 61 مليون جنيه في عام 2014 إلى 181 مليون جنيه في عام 2015، وهو ما منح دفعة قوية لجهود التطوير وتحسين كفاءة المواقع الثقافية.
الخدمة الثقافية في جميع أطراف الجمهورية
وأضاف ناصف، في تصريحات خاصة لـ"نيوز رووم"، أن الهيئة وضعت نصب أعينها الوصول بالخدمة الثقافية إلى جميع أطراف الجمهورية، وخاصة في المحافظات الحدودية التي نالت نصيبًا كبيرًا من المشروعات الجديدة. فقد تم افتتاح عدد كبير من المواقع الثقافية من قصور ومكتبات في مناطق مثل المساعيد والعريش والنجاح وقاطية ونخل ونجيلة، إلى جانب مناطق حلايب وأبو رماد والشلاتين وحدربة وأبرق وأبو سمبل، بالإضافة إلى مواقع أخرى في نصر النوبة وموط وهيبس وفوزي فوزي، وغيرها من المناطق التي دخلت لأول مرة ضمن الخريطة الثقافية لمصر.
وأشار رئيس الهيئة إلى أنه تم اعتماد 500 مليون جنيه كميزانية للعام المالي 2025/2026، بهدف استكمال وافتتاح نحو 18 مشروعًا ثقافيًا جديدًا، مؤكدًا أن الدولة ماضية بقوة في تحقيق العدالة الثقافية، ونشر الوعي والمعرفة في ربوع الوطن، باعتبار الثقافة ركيزة أساسية من ركائز بناء الإنسان المصري
متغيرات شاملة
قال الدكتور شوكت المصري، أستاذ النقد الأدبي، إن ثورة 30 يونيو لكي تحقق أهدافها، لا بد أن تُحدث متغيرات شاملة في المجتمع على كل المستويات، سواء الاقتصادي أو السياسي أو الاجتماعي، وكذلك على المستويين الشعبي والثقافي، وأكد أن المستوى الثقافي تحديدًا يجب أن يلعب دورًا رئيسيًا في إحداث التغيير داخل المجتمع.
ثورة 25 يناير
وأوضح أن ثورة 30 يونيو تُعد بمثابة الثورة المكملة لثورة 25 يناير، ونجحت في إنهاء ما كانت تخطط له جماعة الإخوان الإرهابية، ووضعت حدًا للمشكلات المتعددة التي كانت تمر بها البلاد على الصعيد السياسي والاجتماعي والثقافي، بما في ذلك محاولات الاستقطاب، والسعي إلى تديين الفن إذا صح التعبير.
وأشار إلى أن جزءًا من ثورة 30 يونيو بدأ فعليًا من خلال اعتصام المثقفين، والذي كان رمزيًا وفعليًا في آنٍ واحد، ومثّل فيه المثقفون ضمير الشعب المصري، في منطقة من هذا الوطن. وقال إنه كان من أوائل من شاركوا في هذا الاعتصام منذ ساعته الأولى، وبالتالي كان من الطبيعي أن يتوقع الناس حدوث تغييرات ملموسة على المستوى الثقافي.
ورغم هذا التوقع، أوضح الدكتور شوكت أن هذه التغييرات لم تتحقق بشكل كامل، لكنها تحققت بنسبة تتراوح ما بين 40% إلى 50% فقط من أهداف اعتصام يوم 30 يونيو. وأرجع ذلك إلى عدة أسباب، في مقدمتها أن مصر مرت بمرحلتين أساسيتين في إدارة العمل الثقافي، هما: مرحلة الفنان ثروت عكاشة، ومرحلة الفنان فاروق حسني، وما بينهما حتى الآن.
وأضاف أن هناك بالفعل إنجازات ونجاحات تحققت خلال هذه المراحل، لكنها لم تكن التغييرات المطلوبة في صميم أو مضمون الإدارة الثقافية، أو في بنية العمل الثقافي المؤسسي الحكومي في الشارع المصري.
وأكد أن هناك إنجازات عظيمة لا يمكن إنكارها، مثل تأسيس قصور الثقافة، والتوسع في الأنشطة الثقافية، ونشر الكتب بأسعار رمزية، بالإضافة إلى تأسيس صندوق التنمية الثقافية، وقطاع الإنتاج الثقافي، وجهاز التنسيق الحضاري، والمركز القومي للترجمة. وهذه جميعها تمثل تغييرات مهمة على مستوى العمل الثقافي الحكومي والمؤسسي، لكنها ما زالت دون الطموحات المرتبطة بروح ثورة 30 يونيو.