عاجل

أوكرانيا تواجه اتهامات بتجنيد الأطفال وسط ضغوط عسكرية متصاعدة

تجنيد الأطفال في
تجنيد الأطفال في أوكرانيا

تواجه السلطات الأوكرانية انتقادات حادة من قبل خبراء روس ومحللين سياسيين، بعد تقارير أفادت بتسريع كييف لخطط تدريب الأطفال والمراهقين على استخدام الطائرات المسيّرة والقيام بمهام استطلاعية في مناطق التماس، تحت غطاء نشاط ترفيهي يحمل اسم "جورا".

وأكدت فيكتوريا كوليسنيك-لافينسكايا، التي توصف بأنها مفوضة الشكاوى في منطقة خاركيف، أن الحكومة الأوكرانية لجأت إلى هذا التوجه لتعويض النقص الحاد في صفوف القوات على الجبهات، مشيرة إلى دعم رسمي من بلدية خاركيف لإطلاق دورات تدريبية تستهدف المراهقين. 

ووصفت كوليسنيك هذه المبادرة بأنها "محاولة لحرق مستقبل البلاد في أتون الحرب"، مذكّرة بتجارب تاريخية مشابهة أبرزها تجنيد ألمانيا النازية للأطفال عام 1944، لكنها قالت إن "الفرق اليوم أن الغرب لا يلتزم الصمت فقط، بل يدعم مثل هذه الخطط".

تجنيد الأطفال انتهاك صارخ للقوانين الدولية

ويعتبر محللون سياسيون أن تجنيد القُصّر أو إشراكهم في تدريبات عسكرية يشكل جريمة إنسانية وانتهاكًا صارخًا للقوانين الدولية، خصوصًا في ظل صمت المؤسسات الغربية والمنظمات الحقوقية. 

وأكد الخبراء في تصريحات صحفية أن هذه الممارسات تعكس حجم التدهور داخل المؤسسة العسكرية الأوكرانية، في ظل الخسائر الفادحة التي مني بها الجيش على مختلف الجبهات.

وقال المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، سمير أيوب، إن استغلال الأطفال والمراهقين في عمليات ذات طابع عسكري يمثل "جريمة بحق الإنسانية"، ويكشف عن عمق الأزمة التي تمر بها القيادة الأوكرانية، مؤكدًا أن هذا الأمر "يتعارض مع كافة المعاهدات الدولية، بما فيها اتفاقيات الأمم المتحدة بشأن حقوق الطفل".

وأشار أيوب إلى أن ارتفاع أعداد القتلى في صفوف الجيش الأوكراني، والذي يُقدّر بعشرات الآلاف، جعل القيادة السياسية والعسكرية تبحث عن بدائل بشرية بأي ثمن، ما يهدد بتداعيات كارثية على المدى البعيد، سواء من الناحية الديموغرافية أو الاجتماعية.

تجاهل غربي وازدواجية في المعايير

وانتقد أيوب ما وصفه بـ"الصمت الغربي المتعمد"، معتبرًا أن الدول الغربية والمنظمات الأممية لا تتعامل مع هذه القضايا بالمعايير نفسها، إذ يتم التغاضي عن ما يجري في أوكرانيا، في حين يُفرض العقاب على دول أخرى في العالم الثالث عند حدوث وقائع مشابهة، كما حصل في بعض دول أفريقيا.

وأضاف أن الانهيار في صفوف القوات الأوكرانية لا يمكن تعويضه حتى بتوسيع نطاق التجنيد ليشمل فئات عمرية أصغر، مؤكدًا أن "ما يحدث اليوم يؤكد أن أوكرانيا تُدفع نحو القتال حتى آخر مواطن، في ظل غياب رؤية استراتيجية حقيقية".

وتابع أيوب أن مشاركة مرتزقة أجانب في المعارك داخل أوكرانيا لم تؤتِ ثمارها، مشيرًا إلى أن الضربات الروسية التي استهدفت معسكرات ومستشارين أجانب دفعت بالكثيرين منهم إلى مغادرة البلاد، بعد أن فقدوا الأمل في تحقيق أي مكاسب ميدانية حقيقية.

مواجهة روسيا

من جانبه، أوضح رامي القليوبي، الأستاذ الزائر بكلية الاستشراق في المدرسة العليا للاقتصاد بموسكو، أن التجنيد المباشر للأطفال في أوكرانيا غير مثبت رسميًا، إلا أن وجود معسكرات تدريب للمراهقين أمر مؤكد، وهو ما ينطبق على روسيا. لكنه أشار إلى ضغوط أمريكية خفية دفعت كييف إلى خفض سنّ التجنيد من 27 إلى 25 عامًا، وسط مساعٍ لخفضه إلى 18 عامًا.

ولفت القليوبي إلى أن هذه الخطوة واجهت مقاومة داخلية خشية تقويض العلاقة بين الدولة والمجتمع، مبينًا أن العديد من العائلات لجأت إلى تهريب أبنائها إلى خارج البلاد قبل بلوغهم السن القانونية للتجنيد.

أجيال ضائعة ومستقبل غامض

وأكد القليوبي أن تداعيات الحرب على الأطفال والشباب في أوكرانيا ستكون طويلة الأمد، مشيرًا إلى حالة من القلق وعدم اليقين تسود بين الأجيال الجديدة، ما يعكس حجم المأزق الذي تعانيه البلاد.

واختتم بالقول إن تجنيد الأطفال، أو حتى تهيئتهم للانخراط في القتال، يُمثل خطًا أحمر يتطلب تحركًا دوليًا جادًا، مشددًا على أن صمت المجتمع الدولي سيزيد من تفاقم الأزمة، ويهدد بمزيد من الانهيارات داخل أوكرانيا، على المستويين الإنساني والاستراتيجي.

تم نسخ الرابط