بين الدراسة والعمل: قصة طفل أسيوطي يكافح من أجل التعليم في طنطا

في مشهد مأساوي يعكس واقعًا مؤلمًا يكبر قبل أوانه، يقف الطفل محمد، الذي لا يتجاوز الثالثة عشرة من عمره، يحمل على كاهله أعباءً لا تحتملها كتفاه الصغيران. محمد، القادم من محافظة أسيوط إلى مدينة طنطا بالغربية، لم يأتِ للسياحة أو زيارة الأقارب، بل لجأ إلى سوق العمل باحثًا عن وسيلة تدعم أسرته في مواجهة ضغوط الحياة.

أزمة اقتصادية متفاقمة
محمد واحد من عشرات الأطفال الذين اضطروا لمغادرة بيوتهم وقراهم بحثًا عن فرص عمل، في ظل أزمة اقتصادية متفاقمة أدت إلى تفشي ظاهرة عمالة الأطفال، التي تحرمهم من أبسط حقوقهم في التعليم والطفولة الآمنة.
في حديثه مع مراسلنا، قال محمد: "أنا في ثانية إعدادي وجيت لوحدي طنطا مع أصحابي، كل واحد فينا لازم يشتغل، إحنا عددنا هنا حوالي 20 طفل من أسيوط شغالين في محلات وأسواق مختلفة". وأوضح أن الدافع وراء مغادرته مسقط رأسه ليس حب المغامرة، بل ضرورة ملحة: "عندنا في أسيوط مفيش حاجة اسمها أقعد في البيت، عندي 3 أخوات بنات، وأبويا وأمي محتاجين مني الدعم، لازم أجيب مصاريف المدرسة".

ظاهرة عمل الأطفال ليست محصورة في طنطا فقط، بل تتواجد بكثافة في عدة محافظات مصرية، خاصة في المناطق الريفية والقرى التي تعاني من نسب فقر مرتفعة، حيث يشغل الأطفال في مهن مختلفة تتراوح بين أعمال يدوية، والمهن التجارية، والنجارة، وأحيانًا أعمال خطيرة لا تتناسب مع أعمارهم.
وتعاني هذه الفئة من نقص في الحماية القانونية والاجتماعية، رغم وجود قوانين تمنع تشغيل الأطفال دون السن القانونية، إذ تكشف المتابعات الميدانية عن غياب حقيقي للرقابة والتفتيش، مما يجعل الأطفال عرضة للاستغلال والإصابات والأمراض المهنية.
في الأسواق الشعبية وورش العمل، تظهر صور الأطفال الذين يرتدون ملابس مهترئة، يحملون أدوات عمل بدلاً من حقائب مدرسية، ويقضون ساعات طويلة تحت ظروف عمل قاسية، تتسبب لهم في أضرار صحية ونفسية، وسط غياب أي رعاية صحية أو تعليمية.
تقول إحدى الأمهات في طنطا: "ابني محمد بيساعدني في المحل بدل ما يروح المدرسة، الظروف صعبة، واللي لازم نعيش".