عاجل

بين الاكتفاء والأزمات.. أين يقف قطاع البترول المصري بعد عقد من التحولات؟

قطاع البترول
قطاع البترول

منذ عام 2016، خاض قطاع البترول المصري واحدة من أعقد وأسرع مراحل التحول في تاريخه. قيما نجحت الدولة في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز، وجذب استثمارات عملاقة، وتعزيز بنيتها التحتية، عادت التحديات بقوة خلال السنوات الأخيرة لتضع مستقبل القطاع أمام اختبار حقيقي.

وفيما يلي رصد شامل لأبرز الإنجازات التي تحققت، والإخفاقات التي ظهرت، خلال الفترة من 2016 وحتى منتصف 2025.


إنجازات تحققت على الأرض

طفرة في إنتاج الغاز وتحقيق الاكتفاء الذاتي

أعلنت مصر في سبتمبر 2018 تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي، بعد سنوات من الاستيراد المكلف، مدعومة بدخول حقل "ظهر" العملاق على خريطة الإنتاج، والذي تجاوزت طاقته 2.7 مليار قدم مكعب يوميًا في ذروته.

تنمية حقول واعدة

شهدت هذه الفترة تطوير مجموعة من الحقول مثل "نورس"، "شمال الإسكندرية"، "بلطيم"، و"آتول"، مما ساهم في رفع إنتاج البلاد من الغاز الطبيعي إلى مستويات غير مسبوقة.

انتعاش ثقة المستثمرين

بفضل سداد مستحقات الشركاء الأجانب، التي كانت قد تجاوزت 6.3 مليار دولار في 2013، نجحت مصر في استعادة ثقة شركات كبرى مثل "إيني"، "شل"، "توتال"، و"إكسون موبيل"، وتم توقيع أكثر من 120 اتفاقية استكشاف جديدة منذ 2016.

تأسيس منتدى غاز شرق المتوسط

في 2019، أطلقت مصر منتدى غاز شرق المتوسط (EMGF)، ليصبح منظمة حكومية دولية تضم دولًا منتجة ومستهلكة، مما عزز موقع القاهرة كمركز إقليمي للطاقة.

تطوير البنية التحتية والتكرير

نفذت وزارة البترول مشروعات توسعية ضخمة في معامل التكرير مثل مسطرد والسويس، وطورت الشبكة القومية لنقل المنتجات، مع التركيز على مشروعات التخزين والتداول.

عودة مصر لسوق تصدير الغاز المسال

عادت مصر إلى تصدير الغاز من محطتي دمياط وإدكو، مع ارتفاع ملحوظ في الصادرات، خصوصًا خلال أزمة الطاقة العالمية، مستفيدة من موقعها ووفرة بنيتها التحتية.

فجوة بين الإنتاج والطلب المحلي

رغم إعلان الاكتفاء الذاتي، عادت مصر مؤخرًا إلى استيراد المازوت والسولار لتغطية احتياجات محطات الكهرباء، في ظل تراجع إنتاج بعض الحقول مثل "ظهر"، وارتفاع الطلب المحلي خلال الصيف.

تباطؤ في عمليات الحفر والاستكشاف

أدى تأخر طرح المزايدات وتراجع عروض بعض الشركات إلى انخفاض ملحوظ في معدلات الحفر خلال 2023 و2024، ما ينذر بضغط على الإمدادات المستقبلية.

هجرة الكفاءات الفنية

شهد القطاع هجرة جماعية للمهندسين والفنيين إلى الخليج وأوروبا، بسبب تدني الرواتب وسوء بيئة العمل، وسط شكاوى من غياب العدالة في التعيينات والترقيات داخل الشركات.

مشكلات هيكلية في شركات الدولة

تعاني عدة شركات تابعة للقطاع العام من أزمات مالية مزمنة، مثل "بتروجاس" و"بوتاجاسكو"، وسط اتهامات بهدر الدعم وغياب الرقابة على توزيع أسطوانات البوتاجاز.

ضعف الشفافية وتحديات الحوكمة

واجهت الوزارة انتقادات متكررة بشأن ضعف الشفافية في بعض التعاقدات وغياب المساءلة في ملفات التوزيع والتسعير، رغم المحاولات الأخيرة للرقابة والتحول الرقمي.

 

المستقبل مرهون بالإصلاح المؤسسي

يرى المهندس محمد حليوة، خبير البترول والطاقة، أن القطاع حقق قفزات مهمة، لكن استمرارها يتطلب إصلاحًا أعمق التحول لمركز طاقة حقيقي لا يكفيه البنية التحتية وحدها، بل يتطلب شفافية، وكفاءات بشرية مدربة، وقدرة على التكيف مع تقلبات السوق العالمية، وهذا ما يجب أن يكون على رأس أولويات المرحلة المقبلة."

تم نسخ الرابط