عاجل

أطفال في وجه الشمس.. أطفال مسطاح البلح: «بنشقى عشان 25 جنيه»

أطفال قنا
أطفال قنا

تحت لهيب الشمس الصعيدية الحارقة، وبين مسطاحات البلح الممتدة في عمق الصحراء، تقف وجوه صغيرة متعبة، تتحدى درجات الحرارة المرتفعة والأرض الملتهبة، بحثًا عن القوت، يحملون الأجولة الثقيلة، ويجمعون حبات البلح، في مشهد متكرر كل صيف، يعكس قصصًا صامتة من كفاح الطفولة في صعيد مصر.

في ساعات الصباح الأولى، يخرج العشرات من الأطفال من قراهم النائية في محافظة قنا، مرتدين ملابس ثقيلة لحمايتهم من لسعات الصحراء، متوجهين إلى ما يُعرف بـ"المسطاح" حيث يُفرش البلح ليجف تمهيدًا لتعبئته وتصديره.

"شغل الإجازة.. ومواجهة الحياة"

محمد صابر، أحد الفتيان العاملين في مجال تجفيف البلح، يقول لـ"نيوز رووم":" بنشتغل في الإجازة، من الفجر لحد المغرب، الشغل في قلب الصحراء ومعانا مشرفين بيوزعوا علينا الشغل والتعبئة. أغلبنا أطفال، بنجري ورا شوال البلح عشان نكسب قوتنا".

لا يخلو العمل من مخاطر جسيمة. حرارة الشمس، ولسعات الحشرات، واستخدام مواد حافظة لحماية البلح من التلف، كلها تهديدات يومية لا تردع هؤلاء الأطفال عن الاستمرار، فقط لأن الحياة لا تمنحهم بدائل.

"بنشتغل في وش الجمر"

يحيى زين، طفل يبلغ من العمر 13 عامًا، يروي تفاصيل يومه قائلًا:" بنشتغل في وش الجمر ومش بنقول تعبنا. كبرنا عمر على عمرنا.. بنشتغل عشان نصرف على نفسنا ودراستنا. يوميتنا من 25 لـ30 جنيه. عايزين نكمل تعليمنا بس مفيش طريق غير ده".

أما سيد أحمد، 15 عامًا، فيقول:" بنشتغل وسط العقارب والثعابين، وبنشم مواد كيميائية بنحطها على البلح. ممكن نموت في لحظة، ولو حد اتلدغ، بنعالجه شعبيا، مفيش وقت أو فلوس نروح مستشفى".

ويضيف:" الحياة صعبة والعيشة ضيقة، مش بنشتري حاجة غير الضروري. اللي بيشوفنا يفتكرنا عندنا 30 سنة من كتر التعب والشقاء. ما عندناش رفاهية، إحنا واقفين في وش الشمس وبنقول لها: صامدين".

ظاهرة تنذر بالخطر

ما يحدث في مسطاحات البلح ليس مجرد عمل موسمي، بل هو وجه آخر لواقع الطفولة في الريف المصري، حيث يُجبر أطفال في عمر الزهور على ترك ألعابهم وكتبهم، ومواجهة الصحراء بظهور منحنية وأيادٍ خشنة، دون حماية صحية أو اجتماعية.

ورغم الجهود المبذولة على صعيد المبادرات الحكومية والمجتمعية للحد من عمالة الأطفال، إلا أن الواقع لا يزال يحمل آلاف القصص المشابهة، التي تحتاج إلى تدخلات شاملة، تجمع بين الحماية الاجتماعية، والتعليم، والدعم الأسري.

تم نسخ الرابط