عاجل

لم تكن صفقات الاهلي الاخيرة مجرد رد فعل مؤقت على بطولة عابرة او مغامرة طموحة لمجرد عبور الادوار في كاس العالم للاندية بل جاءت بمثابة اعلان مدو عن مشروع كروي ضخم يراد له ان يدوم ويتجاوز حدود اللحظة مشروع لا يقاس بنتائج بطولة واحدة مهما بلغت ضخامتها ولا يختزل في مباراة تمضي وتنتهي بل يبنى على رؤية عميقة تدرك ان المجد في عالم كرة القدم لا يصنع بمواسم مرتجلة او حماس مؤقت وانما بتاسيس جيل قادر على فرض هيمنته لسنوات طويلة على كل الجبهات محليا وقاريا وربما عالميا

ما حدث في ميركاتو الاهلي ليس مجرد تدعيم باللاعبين بل اعادة ترسيم لخريطة القوة الكروية في المنطقة فمن الذي كان يتخيل ان يرتدي زيزو قميص الاهلي من كان يظن ان تريزيجيه سيعود للمشهد الافريقي من بوابة القلعة الحمراء من كان يراهن على ان محمد علي بن رمضان احد ابرز نجوم شمال افريقيا سيكون جزءا من ماكينة الاحمر من كان ينتظر عودة اليو ديانج النسر المالي الذي لطالما شكل صمام الامان في خط الوسط هذه ليست مجرد اسماء تضاف الى قائمة الفريق بل هي قامات كروية تحمل معها عقلية الفوز وثقافة البطولات وروح التحدي وكل صفقة منها تحمل داخلها عشرات المعاني التي تترجم الى واقع في ارض الملعب

قد يظن البعض ان خروج الاهلي من كاس العالم للاندية من الدور الاول يعني انتهاء الغرض من هذه الصفقات وكانها كانت ادوات لمهمة واحدة ثم يستغنى عنها لاحقا لكن الحقيقة ان ما زرعه الاهلي الان ليس موسميا بل هو اساس لفريق قد لا يتكرر بسهولة في المستقبل القريب فريق يبنى ليحصد كل ما يمكن حصده فريق لا ينافس فقط بل يضع معايير جديدة للمنافسة يصعب على اقرب منافسيه محليا او افريقيا مجاراته لا على صعيد الجودة الفردية فحسب بل على صعيد التناغم الجماعي والتخطيط الفني طويل المدى

وحين ننظر الى واقع الاندية الاخرى ندرك الفارق بوضوح فحتى لو استطاع بيراميدز او الزمالك او غيرهم ان يبرموا صفقات قوية فانهم على الارجح لن يصلوا الى نفس مستوى التناغم الذي يبنيه الاهلي الان ولا الى نفس جودة الاختيارات التي تتم بميزان حساس يجمع بين المهارة والخبرة والانضباط والشخصية فالرهان هنا لم يكن على الاسماء فقط بل على مشروع جماعي واضح المعالم تشرف عليه ادارة تعرف ماذا تريد وجهاز فني يدرك ما ينقصه واعلام وجماهير يهيئون كل الظروف لنجاحه

الاهلي لم يخرج من كاس العالم للاندية بل خرج منها وفي جعبته فريق لم يكن يمتلكه من قبل فريق يحمل في كل مركز منه اكثر من لاعب على مستوى النخبة يخلق حالة من التنافس الايجابي داخل المعسكر ويمنح المدير الفني رفاهية الاختيار التي طالما حلم بها وهذا كله في وقت ما زالت فيه اغلب الاندية تحاول لملمة اوراقها وتحديد اولوياتها في الميركاتو بينما الاهلي انهى خطواته مبكرا ورسم ملامح موسمه القادم بل مواسمه القادمة ايضا ليصبح اللاعب الذي يتحكم في ايقاع السوق لا مجرد طرف فيه

ما يحدث اليوم في الاهلي ليس وليد صدفة او مزاج عابر بل هو تجسيد حي لفلسفة بناء لا تعرف الاكتفاء ولا تستكين للنتائج فلسفة تتعامل مع كل اخفاق محتمل كفرصة للبناء لا سبب للهدم وتعامل كل صفقة ليس كاستعراض اعلامي بل كقطعة في لوحة اكبر اسمها منظومة الاهلي وهذا ما يميز الاهلي دائما انه يفكر بما بعد اللحظة ويسبق منافسيه بخطوة بل بخطوات حتى وان تعثرت اقدامه في مباراة فالعين دائما على الطريق الطويل والهدف الحقيقي ليس ان تفوز في مباراة بل ان تبني فريقا يفوز دائما

ولهذا فان من يظن ان هذه الصفقات ستنتهي صلاحيتها بانتهاء البطولة يخطئ الفهم تماما فالاهلي اليوم ليس فريقا يشتري لاعبين من اجل بطولة بل هو ناد يصنع مشروعا كرويا متكاملا يبنى بالقطعة والخطوة والخطة والقرار وكل خطوة فيه محسوبة وكل اختيار مبني على رؤية لا تخطئ الهدف لهذا نكتب اليوم لا عن بطولة انتهت بل عن فريق بدأ وعن موسم لم يبدأ بعد لكنه بدأ يكتب فصول المجد قبل ان تنطلق صافرته

تم نسخ الرابط