عاجل

من الظل للواجهة.. بالميراس يحكم أمريكا الجنوبية بعقلية عابرة للقارات

أبيا فيريرا
أبيا فيريرا

قبل سنوات قليلة، لم يكن أحد يتوقع أن يعود بالميراس، أحد أعرق الأندية البرازيلية، إلى الواجهة بهذه القوة، النادي الذي عانى من فترات تخبط إداري ونتائج مخيبة للآمال، استطاع خلال فترة قصيرة أن يغير مصيره كليًا، ويعود ليكون أحد أقطاب الكرة البرازيلية واللاتينية

 بالميراس يحكم أمريكا الجنوبية بعقلية عابرة للقارات
 

بين إدارة عربية "مشروع ليلى" و دم برتغالي "طموح فيريرا" وصفة بالميراس للسيطرة على الكرة اللاتينية.

مشروع متكامل جمع بين حكمة الإدارة بقيادة السيدة "ليلي مجدلاني بيريرا" البرازيلية من أصل لبناني، هي أول امرأة تتولى رئاسة بالميراس، ورؤية فنية ثاقبة من المدرب البرتغالي أبيل فيريرا، حولت أزمة الفريق البرازيلي المزمنة إلى آلة بطولات لا تتوقف.


 

بالميراس .. إرث طويل ومرحلة ركود
 

تأسس العملاق البرازيلي عام 1914، و يعد من أكثر الأندية البرازيلية تتويجًا بالألقاب المحلية، لكن العقد الأول من الألفية الجديدة شهد تراجعًا ملحوظًا في الأداء والمكانة، وصل إلى حد الهبوط للدرجة الثانية و بالتحديد عام 2012، على الرغم من بعض النجاحات المحلية المحدودة، ظل بالميراس بعيدًا عن المنافسة القارية الحقيقية، إلى أن جاءت لحظة التحول.
 

ليلي بيريرا.. امرأة غيرت وجه النادي
 

ليلي مجدلاني بيريرا، التي تنحدر من أصول لبنانية، تولت رئاسة النادي عام 2021، لتصبح أول امرأة تشغل هذا المنصب في تاريخ بالميراس، لكن وجودها لم يكن مجرد إنجاز رمزي، بل مثّل نقلة نوعية في أسلوب إدارة النادي، بعقلية احترافية، واستثمارات مدروسة، حافظت بيريرا على الاستقرار المالي للنادي رغم التحديات الاقتصادية، ووضعت ثقة كاملة في الجهاز الفني، و بالتحديد المدرب البرتغالي الواعد "أبيل فيريرا"، وهو أمر نادر في كرة القدم البرازيلية التي تُعرف بتغيير المدربين باستمرار.


 

أبيل فيريرا.. مشروع فني متكامل
 

حين تعاقد العملاق البرازيلي مع المدرب البرتغالي أبيل فيريرا أواخر عام 2020، لم يكن كثيرون يعرفونه، لكن الرجل سرعان ما أثبت أنه يمتلك مشروعًا فنيًا مختلفًا، يعتمد على الانضباط التكتيكي، وتحفيز اللاعبين نفسيًا، والتعامل الذكي مع الضغط الجماهيري والإعلامي.

حقق فيريرا مع بالميراس ثلاث بطولات لدوري أبطال أمريكا الجنوبية "كوبا ليبرتادوريس" جاءت في أعوام 2020، 2021، و2023 على الترتيب ، بجانب ألقاب محلية كبرى في الدوري و الكأس البرازيليين، ليضع الفريق في مصاف العمالقة على مستوى القارة، ويصبح أول مدرب أوروبي يحقق هذا الكم من النجاحات في أمريكا الجنوبية خلال فترة قصيرة.

 

بيئة عمل احترافية تساوي فلسفة نجاح
 

النجاح لم يأتِ من فراغ، بيريرا وفيريرا عملا بتناغم واضح، الإدارة وفرت بيئة عمل احترافية، ورفضت التدخل في عمل الجهاز الفني، بينما تعامل فيريرا مع الفريق كمنظومة متكاملة، طور من لاعبين شباب، وأعاد اكتشاف أسماء كانت على وشك الخروج من حسابات النادي.

كان بالميراس دائمًا معروفًا بامتلاكه قاعدة جماهيرية ضخمة، لكن الجماهير اليوم لا تحتفل فقط بالنتائج، بل بفريق يقدم كرة قدم حديثة ومنظمة، مع قدرة واضحة على التكيف مع ظروف المباريات المختلفة.

التحدي القادم.. الحفاظ على القمة


 

النجاح دائمًا أصعب من الوصول إليه، يدرك كل من بيريرا وفيريرا أن البقاء في القمة يتطلب تطويرًا مستمرًا، الفريق يسعى الآن لتحقيق اللقب الرابع في ليبرتادوريس، والتفوق على المنافس التقليدي فلامنجو محليًا، مع طموح بالمشاركة الفعالة في كأس العالم للأندية بنظامها الجديد.
 

نجاح مونديالي و تأهل تاريخي لربع النهائي
 

لم تتوقف نجاحات بالميراس على الصعيدين المحلي و القاري فقط، بل امتد للعالمية، العملاق البرازيلي سطًر تاريخًا جديدًا في بطولة كأس العالم للأندية، بنظامها الجديد" الموسع" و المقامة حاليًا بالولايات المتحدة الأمريكية، كتيبة فيريرا و بعد تصدرها لمجموعتها على حساب " إنتر ميامي الأمريكي، الأهلي المصري، و بورتو البرتغالي" ، لم يكتفي بالتأهل لدور 16 من البطولة، بل نجح في الإطاحة بغريمه البرازيلي " بوتافوجو" ليتأهل للدور ربع النهائي، و يضرب موعدًا مع العملاق الإنجليزي " تشيلسي" و الذي بدوره اكتسح بنفيكا برباعية .


 
أخيرًا، قصة بالميراس هي شهادة على ما يمكن أن تصنعه الإدارة الذكية والرؤية الفنية طويلة الأمد في عالم كرة القدم، بين أنامل بيريرا وعقلية فيريرا، عاد “فيرداو” ليكون أحد أكبر القوى في البرازيل وأمريكا الجنوبية، نهضة بالميراس ليست فقط قصة نجاح رياضي، بل نموذج لإعادة بناء نادٍ من الجذور، بطريقة تحترم تاريخه وتبني لمستقبل أكثر إشراقًا.

تم نسخ الرابط