عاجل

شبرا الخيمة تغرق في الفوضى.. القمامة تملأ الشوارع والإهمال ينهش جسد المدينة

القمامة بشوارع شبرا
القمامة بشوارع شبرا الخيمة

 

لم تعد شبرا الخيمة كما كانت في الماضي، مدينة صناعية نابضة بالحياة، بل تحولت إلى مشهد مؤلم للإهمال والتردي الخدمي الذي يطال كل جوانب الحياة اليومية، حيث تتكدس تلال القمامة في الشوارع والحارات، وتمتد على الأرصفة الوسطى للطرق الرئيسية، لتخنق المارة وتُحاصر السكان في مساكنهم، بينما ترتفع أصوات المواطنين مطالبين بإلغاء التعاقد مع شركات النظافة التي لم يعد لها أي وجود فعلي على الأرض سوى في تقارير وهمية وتصريحات لا تنعكس على الواقع.

ميدان المؤسسة، الذي كان رمزًا للحركة والنشاط، بات الآن نموذجًا حزينًا للفوضى، بعدما شوهت النفايات نوافيره، وتسببت الكابلات الكهربائية المكشوفة المنتشرة فيه في تهديد حياة المارة، وتحولت المساحات العامة التي يفترض أن تكون متنفسًا حضريًا إلى أوكار للحشرات والقمامة وروائح كريهة تزكم الأنوف، بينما غابت الرقابة، واختفت الصيانة، وسادت حالة من اللامبالاة في ظل تقاذف المسئوليات بين الجهات التنفيذية.

يعيش المواطنون يوميًا بين أزمات متلاحقة، فإلى جانب تراكم القمامة، تسود الفوضى المرورية الناتجة عن الانتشار غير المنظم للتوك توك، الذي يسير بلا تراخيص أو قواعد، ويتسبب في حوادث متكررة ومشاجرات شبه يومية، بينما تحتل سيارات الأجرة المتهالكة المشهد، تنقل الركاب في ظروف غير إنسانية وسط شوارع متهالكة، دون أي تدخل لإعادة الانضباط أو فرض الرقابة الفنية أو القانونية على وسائل النقل.

ومع غياب التنظيم، وجد الباعة الجائلون في الأرصفة ملاذًا مفتوحًا لعرض بضائعهم، فاحتلوا الشوارع وأربكوا حركة السير، وارتفعت شكاوى الأهالي من الضوضاء والإشغالات دون جدوى، بينما انتشر "النباشون" وسط أكوام القمامة بحثًا عن أي شيء يمكن بيعه، في مشهد يعكس انهيار المنظومة البيئية والاقتصادية للمدينة، وغياب البدائل العادلة والآمنة للعيش الكريم.

في ظل هذا الواقع، تتزايد معدلات الجريمة، حيث شهدت المدينة خلال العام الماضي مئات الحوادث التي تراوحت بين جرائم سرقة واعتداءات، ونشل وخطف، فضلًا عن وقوع أكثر من 280 حادثًا مروريًا أغلبها بسبب التوك توك أو تهالك المركبات أو سوء حالة الطرق، وكان من أبرز هذه الحوادث انقلاب توك توك أدى إلى وفاة طفلين في شارع ترعة الشابوري، وانفجار كابل كهربائي بمنطقة بهتيم نتيجة تراكم القمامة، مما تسبب في إصابة ثلاثة أطفال، إضافة إلى مشاجرة على أولوية المرور بشارع أحمد عرابي انتهت بجريمة قتل هزت الرأي العام المحلي.

حالة الغضب الشعبي تتصاعد، ويطالب المواطنون بضرورة تدخل عاجل من محافظة القليوبية ووزارة التنمية المحلية لوضع حد لهذه المأساة، حيث دعا الدكتور حسام عبد الحكيم، أحد أبناء المدينة والناشط في العمل المجتمعي، إلى إنهاء التعاقد مع الشركات المسؤولة عن النظافة وإسناد المهام لجهات أكثر كفاءة تحت إشراف مباشر من الأجهزة التنفيذية بالمحافظة، مؤكدًا أن الحل لا يكمن فقط في رفع القمامة بل في إعادة هيكلة كاملة لمنظومة الخدمات بالمدينة، تبدأ بتطوير البنية التحتية وتنظيم المرافق، وتمر بإنشاء وحدة طوارئ للرقابة الميدانية، ولا تنتهي إلا بإعادة الاعتبار للإنسان الذي يعيش في هذه المدينة المنسية.

شبرا الخيمة التي أنجبت آلاف الكفاءات وشهدت عصورًا من الإنجاز، لا تستحق هذا المصير، ولا يجوز أن تظل رهينة لفوضى الباعة وتلال القمامة وعشوائية المرور، وهي التي تمثل قلبًا نابضًا لمحافظة القليوبية وأحد روافد القاهرة الكبرى. ويبقى السؤال الأهم معلقًا بين ركام الإهمال: متى تعود شبرا الخيمة إلى أهلها؟ ومتى يدرك المسؤولون أن الصمت لم يعد خيارًا على تلك الفوضى.
 

القمامة بشوارع شبرا الخيمة

تم نسخ الرابط