عاجل

حكاية 22 ألف مشتل بعزبة الأهالي بالقليوبية متخصص في زراعة الزهور 

عزبة الاهالى مملكة
عزبة الاهالى مملكة الورود

في الوقت الذي تتجه فيه المدن نحو الزحام والمباني الخرسانية، تتفتح زهرة الأمل من قلب الريف المصري، وتحديدًا من عزبة الأهالي التابعة لمدينة القناطر الخيرية بمحافظة القليوبية، حيث تحوّلت هذه القرية الهادئة إلى واحدة من أهم قلاع زراعة وتصدير الزهور ونباتات الزينة، بعدما ارتبط اسمها لسنوات طويلة بجمال الطبيعة وعبير الورد الذي تخطى حدود المحافظة ووصل إلى مختلف الأسواق العربية، لتصبح مصدرًا أساسيًا للزهور في العديد من المناسبات الكبرى مثل عيد الحب وعيد الأم والأفراح والمواسم الرسمية.

عزبة الأهالي بالقليوبية  

 

تنتشر زراعة الورد في القرية على مساحة تقارب 500 فدان ، تضم أكثر من 22 ألف مشتل، توفر فرص عمل مباشرة لنحو 1800 من أبناء القرى المجاورة، وتُدار هذه المساحات بخبرات متوارثة جيلًا بعد جيل، إذ يرى الفلاحون أن الورد ليس مجرد نبات، بل هو حكاية عشق ممتدة بين الإنسان والأرض، وبين العرق والمردود.

ويؤكد مصطفى جمال عبد الله ، أحد أقدم مزارعي الورود في القرية ، أن العمل في هذا المجال يمثل مصدر راحة نفسية وسعادة داخلية لا يعرفها من لم يذق لذة الزراعة ، مشيرًا إلى أنه ورث المهنة عن والده ، واستمر في تطويرها بإدخال أصناف جديدة ومطلوبة في الأسواق الخارجية.

ولا تقتصر مساهمة القرية على الإنتاج المحلي فقط ، بل تمتد إلى التصدير الخارجي، إذ يتم جمع الزهوربعد فرزها بعناية ، ثم توضع في حاويات مياه خاصة لفترة محددة، قبل نقلها إلى ثلاجات تبريد عالية التقنية لتثبيت نضارة الوردة ، وهي عملية تُعرف بـ"الصدمة الحرارية" وتساعد على إطالة عمر الوردة إلى أكثر من أسبوعين بدلًا من ثلاثة أيام فقط، وبعدها يتم تجهيزها للتغليف والشحن إلى الخارج ، خاصة إلى الأسواق الخليجية مثل السعودية والإمارات، حيث تلقى زهور القناطر رواجًا كبيرًا نظرًا لجودتها العالية وألوانها المتنوعة.

ويتحدث أحمد سلامة ، أحد شباب القرية، عن تجربته مع الزراعة قائلاً إن مهنة الورد تختلف عن أي عمل آخر، فهى ترتبط بالوجدان والروح أكثر مما ترتبط بالمكسب ، موضحًا أنه اختار البقاء في قريته والعمل في مشتل الورود بدلًا من البحث عن وظيفة في المدينة، لأن الزراعة تمنحه إحساسًا بالاستقرار والهدوء النفسي ، وهو ذات الشعور الذي أكدته الحاجة سعدية عبد المحسن، التي تعمل في فرز الشتلات ، حيث وصفت الوردة بأنها رزق طيب يدخل البيت ويمنح صاحبه بركة ورضا داخليًا لا يوصف.

ورغم النجاح الكبير الذي حققته عزبة الأهالي ، إلا أن أبناءها يطالبون بالمزيد من الدعم والتطوير، حيث يشير المهندس الزراعي عمرو خليل إلى ضرورة إنشاء مركز تدريبي متخصص في زراعة وتصدير الزهور داخل القليوبية، بهدف نقل الخبرات المتراكمة إلى الأجيال الجديدة، والارتقاء بأساليب الزراعة والتسويق، كما يرى الخبير الاقتصادي الدكتور على خليل أن الوقت حان لتحويل هذه الجهود الفردية إلى كيان مؤسسي من خلال شركة مساهمة تُدار بأيادي أبناء القرية، وتكون قادرة على التعاقد المباشر مع الأسواق الخارجية دون الحاجة إلى وسطاء.

ومن بين الرؤى المقترحة للاستفادة من هذه الثروة الناعمة، طرح البعض فكرة إقامة مهرجان سنوي للزهور بالقناطر على غرار مهرجانات الورود العالمية، مع إمكانية دمج الزراعة بالصناعات التكميلية مثل إنتاج الزيوت العطرية والمستحضرات التجميلية من الورود، إلى جانب إطلاق علامة تجارية موحدة للزهور المصرية تُصدَّر من خلالها منتجات القناطر إلى مختلف الأسواق الدولية، فضلًا عن أهمية إنشاء منصة إلكترونية ذكية تُسهِّل التسويق والتوزيع عالميًا.

عزبة الأهالي لم تعد مجرد قرية، بل تحوّلت إلى مصنع مفتوح للجمال، يصدر الزهور ويزرع الفرح، ويكتب كل صباح قصة جديدة من التميز على أرض القليوبية. إنها نموذج ناجح لاقتصاد ريفي يمكن تعميمه، لو وجد التخطيط والدعم الكافي، فهل نمد لها يد الرعاية ونقطف معًا ثمرة هذا العطر المتجدد؟

عزبة الاهالى مملكة الورود

تم نسخ الرابط