"قتلوه ومشيوا بجنازته".. أبناء العم ينهون حياة هيثم طعنًا بالبدرشين

اعتقد أن خلافاته مع أبناء عمومته، التي استمرت سنوات، ستنتهي عندما طلبوا منه اللقاء في منطقة بعيدة عن الناس. تذكر حينها سنوات الطفولة التي كانت مليئة بالذكريات الجميلة، فقد تربوا معًا كعائلة واحدة، تقاسموا فيها الأفراح والأحزان، وعاشوا تفاصيلها جنبًا إلى جنب.
جمعتهم ذكريات مرّت أمام عينيه، والتي انتهت بعد أن دبت الخلافات بينهم منذ سنوات، وتحولت المحبة إلى عداء، والعلاقة الأخوية بين أبناء العم إلى صراع وضغينة.
وما إن طلب منه أبناء عمه اللقاء لتصفية الخلافات، حتى استجاب على الفور. لم يكن يدري أن الغدر في انتظاره، وأن الخيانة كانت نية أقرانه.
فخ اللقاء
ما إن التقاهم في المنطقة الجبلية، حتى بادر بالسلام عليهم، وحاول احتضانهم، وتكاد الدموع تنهمر من عينيه من شدة فرحته بهذا اللقاء. إلا أنه فوجئ ببرود في السلام، وفتور في الأحضان. وهنا، أدرك الشاب "هيثم" أن ظنه لم يكن في محله، وأنهم استدرجوه.
رغم ذلك، لم ييأس، فقد كان يحمل الحب لهم في قلبه، وكان يصرّ على إرضائهم. لم يتوقع منهم الغدر أبدًا، لكنه أخطأ للمرة الثانية.
فما إن بدأ الحديث مع أبناء عمومته الأربعة، يطالبهم بغلق الصفحة القديمة وفتح صفحة جديدة، ويذكرهم بأيام الطفولة والعلاقة الأخوية التي جمعتهم، حين كان كلٌّ منهم يفتدي الآخر بنفسه، إلا أن كلماته لم تحرّك فيهم أي حنين.
فقد أعدّوا العدة للانتقام منه والغدر به، بعدما امتلأت قلوبهم بالحقد والغلّ، على خلفية خلافات أسرية، لا علاقة لها بميراث أو ثروة.
الانتقام والغدر
قوبلت محاولات هيثم السلمية لاستمالة أبناء عمومته بعنف مفرط. فقد أعدوا العدة، وانقضّوا عليه ضربًا وطعنًا، حتى أردوه قتيلاً دون أن تأخذهم به رحمة. أغشى الشيطان أعينهم، وتملّكتهم رغبة الانتقام، فتركوا جثته ملقاة على الأرض بالمنطقة الصحراوية، ثم عادوا إلى منازلهم وكأن شيئًا لم يكن.
ومع تغيب المجني عليه عن منزله في القرية التي يعرف أهلها بعضهم بعضًا، بدأت عمليات البحث عنه، والتي شارك فيها الجناة أنفسهم لإبعاد الشبهة عنهم، معتقدين أن أمرهم لن ينكشف.
وبعد العثور على الجثة، شاركوا في جنازته مدّعين الحزن، وتذرف أعينهم دموعًا كدموع التماسيح، لينطبق عليهم المثل القائل: "قتلوا القتيل ومشوا في جنازته".
كشف الجريمة
إلا أن رجال الأمن كشفوا أمرهم. فما إن عادوا من الجنازة، حتى وجدوا رجال الأمن في انتظارهم، ليُلقى القبض عليهم. ورغم محاولتهم الإنكار، فإن مشاهد كاميرات المراقبة في شوارع القرية فضحت خطتهم وكشفت حيلهم.
وخلال أقل من 24 ساعة، تمكنت مباحث الجيزة من كشف غموض العثور على جثة شاب مقتول بالمنطقة الصحراوية بالبدرشين. وتبين أن وراء ارتكاب الجريمة أربعة من أصدقاء المجني عليه، تجمعهم به خلافات قديمة.
وتمكنت قوات الأمن من القبض على المتهمين، وأمر اللواء سامح الحميلي، مساعد وزير الداخلية لأمن الجيزة، بتحرير محضر بالواقعة، وتولت النيابة التحقيقات.
جهود المباحث
كان الرائد أحمد يحيى، رئيس مباحث مركز شرطة البدرشين، قد تلقى بلاغًا بالعثور على جثة شخص مقتول في المنطقة الصحراوية. وعلى الفور، أمر اللواء محمد الشرقاوي، مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة، بتوجيه رجال الأمن إلى مكان البلاغ بقرية زاوية دهشور.
ومن خلال المعاينة والفحص، تبين وجود جثة شاب في العقد الرابع من عمره، مصاب بطعنات نافذة. وتم نقل الجثة إلى مشرحة المستشفى.
تحديد الجناة
وأمر اللواء هاني شعراوي، مدير المباحث الجنائية بالجيزة، بتشكيل فريق بحث لكشف ملابسات الجريمة. ومن خلال التحريات التي أشرف عليها العميد محمد مختار، رئيس مباحث قطاع الجنوب، تم تحديد هوية المجني عليه.
وبفحص علاقاته وتتبع خط سيره قبل الجريمة، والاستماع إلى أقوال أسرته، تبين أن وراء ارتكاب الجريمة أربعة من أقاربه، بسبب خلافات قديمة بينهم.
ضبط المتهمين
ومن خلال عدد من الأكمنة التي قادها العقيد هاني عكاشة، مفتش مباحث البدرشين والعياط، تم ضبط المتهمين. وبمواجهتهم، اعترفوا بارتكاب الجريمة، وتم إخطار النيابة التي تولت التحقيق.