أعمال عظيمة لا تفوّتها في وقت السحر.. لحظة القرب والرحمة قبل الفجر

في اللحظات الهادئة التي تسبق طلوع الفجر، حين تخفت الأصوات وتنام الأجساد، تتجلّى لحظة من أعظم لحظات القرب من الله عز وجل، يُطلق عليها العلماء “وقت السحر”، وهي الثلث الأخير من الليل، الوقت الذي خصّه الله تعالى بفيضٍ من الرحمات والبركات، ودعا فيه عباده إلى التوبة والرجوع والدعاء، كما أخبر النبي ﷺ في الحديث المتفق عليه:
«ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟».
متى يكون وقت السحر؟
بيّن العلماء أن وقت السحر يبدأ من منتصف الليل حتى أذان الفجر الصادق، وأفضله ما يكون في الثلث الأخير من الليل، وهو الوقت الذي تنزل فيه السكينة، وتُفتح فيه أبواب السماء، ويكون الدعاء فيه مرجو الإجابة، والاستغفار فيه سببًا للمغفرة.
وقد وصف الله تعالى عبادَه الصالحين في هذا الوقت بقوله:
{وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ} [آل عمران: 17]
{وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الذاريات: 18]
أبرز الأعمال المستحبة في وقت السحر:
- الاستغفار:
هو الذكر الأعظم في هذا الوقت المبارك. كان السلف الصالح يحرصون عليه أيّما حرص، ويقولون: “الليل لحفظ القرآن، والسحر للاستغفار”. وهو من أعظم أسباب مغفرة الذنوب، وتكفير السيئات، ورفع الدرجات. - الدعاء:
وقت السحر هو ساعة استجابة بامتياز، كما جاء في الحديث. ينادي الله عباده قائلًا: “من يدعوني فأستجيب له؟”، وهو نداء من الرحمن لا ينبغي أن يُقابل بالغفلة أو النوم. - قيام الليل (التهجد):
من أفضل العبادات في هذا الوقت، وقد أثنى الله على أهل القيام بقوله:
{كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات: 17]
فالقيام في هذا الوقت يعطي القلب حياة، ويصل العبد بربه وصلة لا يضاهيها شيء. - قراءة القرآن:
يُستحب أن يُقرأ القرآن في وقت السحر لما فيه من صفاء ذهن وخشوع قلب، وكان بعض الصالحين لا يقرؤون القرآن إلا في هذا الوقت من شدة تأثيره على النفس. - الذكر والتسبيح:
من تسبيح وتهليل وتكبير، كلها من الأعمال المحببة في السحر، تعطر القلب، وتُنير الروح، وتكون سببًا في نزول السكينة.
فضل الاستغفار في السحر:
- سبب لمغفرة الذنوب:
كما جاء في الحديث: “هل من مستغفر فأغفر له؟”، وهو غفران مباشر من الكريم لمن يطرق بابه. - من أسباب إجابة الدعاء:
لأن الاستغفار يُطهّر القلب ويفتح أبواب الرحمة. - من أسباب الرزق والفرج:
قال تعالى في سورة نوح:
{فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ… يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِدْرَارًا… وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ…} - اتباع لهدي النبي ﷺ:
فقد قال: “والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة” – رواه البخاري. - يرقق القلب ويُبعد الغفلة:
فالقلب الذي يعتاد الاستغفار وقت السحر، لا يعرف القسوة، ولا يغفل عن طاعة الله