من رحم المعاناة .. الحاجة فرحانة رمز النضال السيناوي وتكريم مستحق |فيديو|

في تاريخ مصر الحافل بالبطولات، تبرز شخصيات قدمت تضحيات جليلة دفاعًا عن الوطن .. ومن بين هذه الشخصيات، تبرز الحاجة فرحانة حسين سالم سلامة، المعروفة بلقب "أم داود"، التي جسدت بصمودها وشجاعتها دور المرأة السيناوية في مواجهة الإحتلال الإسرائيلي خلال فترة ما قبل حرب أكتوبر 1973.
نشأة ومسيرة نضالية
ولدت الحاجة فرحانة في مدينة الشيخ زويد بشمال سيناء، وتنتمي إلى قبيلة الرياشات، على الرغم من تقدمها في السن، حيث تجاوزت المائة عام، إلا أن ذاكرتها ما زالت حية بتفاصيل نضالها ضد الاحتلال. بدأت مسيرتها النضالية عقب نكسة 1967، عندما قررت أن تكون جزءًا من المقاومة الشعبية السيناوية، مساهمةً بدورها في تحرير الأرض واستعادة الكرامة الوطنية.
دور محوري في المقاومة
عملت الحاجة فرحانة كحلقة وصل بين المجاهدين في سيناء والقيادة المصرية، مستغلةً مهنتها كتاجرة أقمشة للتنقل بين المناطق المحتلة. كانت تنقل المعلومات الحساسة والخرائط السرية حول تحركات العدو، مستخدمةً أساليب تمويهية مبتكرة، مثل تطريز الرسائل على الأقمشة وإخفائها داخل الملابس التقليدية، لضمان عدم اكتشافها من قبل قوات الإحتلال. كما كانت تسير لمسافات طويلة تصل إلى 40 كيلومترًا سيرًا على الأقدام، متحديةً المخاطر والصعوبات، لنقل المعلومات إلى المجاهدين.
تكريم رئاسي
تقديرًا لدورها البطولي، وجّه الرئيس عبد الفتاح السيسي في أكتوبر 2024 بإطلاق اسم الحاجة فرحانة على أحد أحياء شمال سيناء، بالإضافة إلى محور مروري في القاهرة، تكريمًا لتضحياتها وإسهاماتها في دعم المقاومة خلال فترة الاحتلال. هذا التكريم يعكس اعتراف الدولة المصرية بالدور المحوري الذي لعبته المرأة السيناوية في دعم الجيش والمقاومة الشعبية.
مشاعر الفخر والامتنان
عقب هذا التكريم، توافد أهالي سيناء إلى منزل الحاجة فرحانة للتعبير عن امتنانهم وفخرهم بها. ورغم تقدمها في السن ومعاناتها من بعض المشكلات الصحية، بدت السعادة واضحة على وجهها خلال استقبالها للزوار. وأعربت عن شكرها العميق للرئيس السيسي، مؤكدةً أن هذا التكريم ليس لها فقط، بل لكل أم مصرية شاركت في دعم المقاومة وصمود الشعب أثناء فترة الاحتلال.

إرثٌ عبر الأجيال
تُعتبر الحاجة فرحانة رمزًا للمرأة المصرية القوية التي واجهت الصعاب ووقفت صامدة في وجه التحديات. قصتها تُلهم الأجيال الجديدة بأهمية التضحية والعمل من أجل الوطن، وتؤكد أن دور المرأة لا يقل أهمية عن دور الرجل في ميادين النضال والبناء. هذا التكريم يسلط الضوء على قصص البطولات النسائية التي قد لا تكون معروفة للكثيرين، لكنه يعكس عمق التقدير والاحترام لتلك الجهود التي ساهمت في صناعة تاريخ مصر الحديث.
في الختام، تبقى الحاجة فرحانة حسين سالم سلامة مثالًا حيًا على الوطنية الحقة والتضحية من أجل الأرض والعرض، وستظل قصتها مصدر إلهام للأجيال القادمة في مصر وخارجها.