عاجل

المشبوه.. فيلم بدأ بالشكوك وانتهى بصناعة نجم درامي شامل

أبطال فيلم المشبوه
أبطال فيلم المشبوه

يُعد فيلم المشبوه نقطة تحول كبيرة في المسيرة الفنية للزعيم عادل إمام، ليس فقط لأنه خرج من عباءة الكوميديا إلى منطقة درامية خالصة، بل لأنه واجه في البداية كثيرًا من الشكوك والاعتراضات من صناع العمل أنفسهم.

المفارقة أن عادل إمام نفسه استغرب ترشيحه للفيلم، وقال لاحقًا: "ده فيلم درامي بامتياز.. مفيهوش مشهد كوميدي واحد، فحد عاقل يرشحني لدور زي ده؟"، لكن الترشيح جاء من المنتج واصف فايز الذي أصر على أن يكون عادل إمام بطل العمل، رغم رفض المخرج سمير سيف في البداية، حيث كان يرى أن الدور يحتاج إلى "جان" من طراز نور الشريف أو محمود ياسين.

التحول في قناعة سمير سيف جاء من صدفة بصرية؛ إذ كان يتصفح مجلة "المصور" ورأى صورة لعادل إمام، ظهر فيها الزعيم بملامح صارمة وخالية من ابتسامته المعتادة. 

الصورة وحدها فتحت خيال المخرج، خاصة بعدما شاهد فيلمًا فرنسيًا كوميديًا يلعب فيه البطل دور محقق جاد، ما دفعه للتفكير: "لمَ لا أجرب عادل إمام في هذا القالب؟".

كان التحدي كبيرًا، خاصة أن الفيلم أعاد سعاد حسني للوقوف أمام عادل إمام بعد 15 عامًا، ولكن هذه المرة كبطلة رئيسية أمامه، في قصة توازن بين الرومانسية والجريمة والتشويق.

 ومع تعدد الشخصيات، كان على صناع الفيلم اختيار الأدوار المساعدة بدقة؛ منها دور الضابط الذي ذهب للفنان سعيد صالح، الذي كان يمثل القوة والاندفاع والصوت العالي، والمفارقة أنه قدم واحدًا من أفضل أدواره على الإطلاق.

أما الفنان فاروق الفيشاوي، فرفض في البداية المشاركة في الفيلم، خاصة أنه سيؤدي مشهدًا يضرب فيه عادل إمام، وقال حينها: "لما أضرب عادل إمام علقة محترمة؟ أنا كده بحكم على نفسي بالفشل"، لكن المخرج أقنعه بأن الجمهور سيتفاعل معه بحرارة في مشهد إنقاذ الطفل، وهو ما حدث بالفعل، حيث صفق له المشاهدون بحرارة داخل قاعات السينما.

التحدي الآخر الذي واجه المخرج سمير سيف كان فنيًا: كيف يحوّل سيناريو مقتبس عن فيلم أمريكي بعنوان Once a Thief إلى عمل مصري خالص؟ الحل جاء في تصوير الشوارع الحقيقية، وخاصة شارع بورسعيد بما فيه من آثار ما بعد الحرب والخنادق والمتاريس، ليبدو الفيلم وكأنه نابع من البيئة المصرية دون أي اقتباس واضح.

ورغم هذا الجهد، كاد الفيلم أن يتعطل بالكامل بعد أسبوعين من التصوير، إذ رغب المنتج في تغيير المخرج، لكن عادل إمام تدخل بحسم، مهددًا بالانسحاب من العمل إذا تم استبعاد سمير سيف، وصرّح الأخير لاحقًا قائلاً: "قبل ما نبدأ، مكنتش متخيل عادل في الدور.. لكن بعد أسبوعين، مكنتش شايف حد غيره ينفع يعمله."

حين عُرض المشبوه، حقق نجاحًا جماهيريًا ونقديًا كبيرًا، وخرج منه عادل إمام بمكانة جديدة كـ"نجم شامل" يجمع بين الكوميديا والتراجيديا، ويستطيع قيادة فيلم درامي ثقيل دون الحاجة لنكتة واحدة.

أما سعيد صالح، فقدم أداءً وصفه كثيرون بأنه الأفضل في مشواره الفني، ليتحول فيلم المشبوه من مغامرة محسوبة إلى واحدة من أنضج محطات السينما المصرية في الثمانينات.

تم نسخ الرابط