تدمير المنشآت النووية بالكامل.. فوضى المعلومات تهدد بعودة حرب إيران

أصدرت مديرة وكالة الاستخبارات الأمريكية المركزية تولسي جابارد تصريحات تكذب تقرير شبكة CNN نقلاً عن الاستخبارات العسكرية الأمريكية بأن الضربات الأمريكية للمنشآت النووية الإيرانية فاشلة، لتشدد على عدم صحة هذا التقرير وتؤيد نفي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
إلا أن تصريحات مديرة الاستخبارات الأمريكية لم تضع النقاط على الحروف لأكثر من سبب وهي أن الشخصية نالت دعم ترامب ليختارها في هذا المنصب، بعد إعلان فوزه في الانتخابات الرئاسية الأمريكية أمام منافسته الديموقراطية كامالا هاريس، فضلا عن أنها لا تمتلك أدنى فكرة عن جوهر العمل في الاستخبارات، فهل جابارد تنافق ترامب؟.
استئناف الحرب
قال الدكتور محمد عثمان، الباحث في العلاقات الدولية، إن حالة الغموض والتضارب التي تسببت بها التصريحات الرسمية والتقارير المسربة من كافة أطراف الحرب الإسرائيلية على إيران، بشأن مدى الأضرار التي لحقت بالمنشآت النووية الإيرانية، ألقت بظلالها على المشهد السياسي الأمريكي.
مضيفًا أن مضمون هذه المعلومات المتضاربة هو العامل الحاسم في تحديد ما إذا كانت الضربات الأمريكية قد حققت أهدافها أم لا.
وأوضح الدكتور محمد عثمان في حديث خاص لموقع "نيوز روم" أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وكبار مسؤولي إدارته، بالإضافة إلى رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي أكدوا تدمير المنشآت النووية الإيرانية بالكامل، وهو الموقف الذي تبناه حتى المتحدث باسم الخارجية الإيرانية الذي أقر بتعرض المنشآت لأضرار جسيمة.

في المقابل، فإن تقريرًا مسربًا منسوبًا للاستخبارات العسكرية الأمريكية أشار إلى أن تلك الضربات لم تسبب ضررًا كبيرًا، خاصة في منشأة "فوردو"، الأمر الذي أثار غضب ترامب.
وأشار عثمان في العلاقات الدولية إلى أن عددًا من المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين، رفضوا الكشف عن هويتهم، قد أدلوا بتصريحات لوسائل إعلام دولية شككوا فيها في حجم الأضرار التي لحقت بمنشآت مثل فوردو ونطنز وأصفهان، ما يضعف من موقف ترامب التفاوضي مع إيران، ويضر بالهيبة العسكرية الأمريكية ويهدد بزعزعة وقف إطلاق النار الهش القائم حاليًا بين إسرائيل وإيران.
وتابع الدكتور عثمان بالقول إن فوضى المعلومات قد تكون مقصودة لإرباك الداخل الأمريكي، ودفع الإدارة الأمريكية لاحقًا إلى استئناف العمليات العسكرية، رغم أن ترامب لا يبدو راغبًا في خوض حرب طويلة الأمد مع إيران، ويفضل ممارسة ضغوط عسكرية ودبلوماسية واقتصادية متوازنة تفضي إلى اتفاق تلتزم بموجبه طهران بوقف تخصيب اليورانيوم بشكل دائم.
وأضاف: "ترامب يسير على خيط رفيع في محاولة لتحقيق معادلة شديدة التعقيد؛ إذ أن أي تصعيد عسكري جديد قد يؤدي إلى موجة من الصعوبات الاقتصادية العالمية المرتبطة بأسعار الطاقة، في وقت يعارض فيه الرأي العام الأمريكي أي تورط عسكري جديد في الشرق الأوسط".
وتابع الدكتور عثمان بالإشارة إلى أن الرئيس الأمريكي كان في أمس الحاجة لتصريح مثل ذلك الذي أدلت به تولسي جابارد، عضو الكونجرس السابقة ومديرة الاستخبارات الأمريكية الحالية، لدعم مزاعمه حول نجاح الضربات ضد منشآت إيران النووية، خصوصًا فوردو ونطنز وإصفهان، ما يعزز من موقفه التفاوضي ويمنحه أوراق قوة إضافية في أي اتفاق محتمل مع طهران.
خوف الجمهوريين والديموقراطيين من اختيار دولسي جابارد
في فبراير الماضي وبعد تصديق الكونجرس على تعينها أعرب عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين عن قلقهم من مواقف تولسي جابرد السابقة بشأن قضايا مثل إدوارد سنودن ونظام بشار الأسد وروسيا، لكنهم أكدوا في النهاية دعمهم لتعيينها، بزعم التزامها بالتركيز على المهام الجوهرية لمنصبها الجديد، والتي تشمل تنسيق الجهود الاستخباراتية الاتحادية وتقديم المشورة الاستخباراتية العليا للرئيس الأمريكي.
وقالت السيناتورة الجمهورية عن ولاية ألاسكا، ليزا موركوفسكي إنه رغم استمرار بعض تحفظاتها بشأن مواقفها السابقة، إلا أنها تقدّر التزامها بالرقابة على الأنشطة الواسعة للوكالة، مضيفة أن جابارد ستضفي تفكيرًا مستقلًا على المنصب.
فيما أبدى الديمقراطيون تحفظات أكثر حدة، مشيرين إلى أن تولسي جابارد تفتقر إلى الخبرة المباشرة في العمل داخل وكالات الاستخبارات، واعتبروا مواقفها السابقة تجاه روسيا وسوريا وسنودن مؤشرًا على أنها ليست الخيار الأمثل لهذا الدور الحساس.
كما أعربوا عن شكوكهم في قدرتها على مواجهة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إذا لزم الأمر، وعن مخاوفهم من إمكانية تقييدها لتدفق المعلومات الاستخباراتية الحيوية إلى حلفاء الولايات المتحدة.
وخلال فتراتها الأربع في مجلس النواب، اكتسبت جابارد شهرة لانتقاداتها العلنية لقيادة حزبها الديمقراطي، حيث قد ازدادت شعبيتها بين الأوساط التقدمية بعد إعلانها دعم السيناتور بيرني ساندرز خلال الانتخابات التمهيدية الرئاسية للحزب عام 2016.
وكانت شاركت جابارد في الإعداد لمناظرات ترامب ضد كمالا هاريس، وظهرت في أكتوبر الماضي خلال تجمع انتخابي له في ولاية كارولاينا الشمالية، معلنة أنها أصبحت "رسميًا جمهورية".