في كرة القدم، تخضع الفرق للتقييم بناءً على ما تقدمه من أداء، وما تحققه من نتائج. لكن حين يكون الطرف المعني هو النادي الأهلي، تنقلب كل القواعد. يصبح الحضور العالمي جريمة، ويصبح الانتماء إلى الصفوف الأولى مدعاة للشك، وتتحول كل خطوة، مهما كانت، إلى مناسبة للهجوم والسخرية، حتى وإن كانت مشرفة أو مشروعة.
شارك الأهلي مؤخرًا في بطولة كأس العالم للأندية، وخاض مشوارًا تضمن ثلاث مباريات:
تعادل سلبي أمام إنتر ميامي الأميركي، تلاه خسارة أمام بالميراس البرازيلي، ثم تعادل مثير مع بورتو البرتغالي بأربعة أهداف لكل فريق، في واحدة من أكثر مباريات البطولة إثارة.
وفي مواجهة بورتو تحديدًا، كان الأهلي الطرف الأفضل، أهدر أكثر من 8 فرص محققة، وتقدّم مرتين، وقدم مباراة هجومية عالية المستوى، لكن ذلك لم يشفع له لدى البعض.
فور خروجه من البطولة، تعالت الأصوات: "الأهلي ضعيف"، "لا يستحق التمثيل الدولي"، "فريق منفوخ إعلاميًا"، وكأن هؤلاء كانوا ينتظرون مجرد نتيجة واحدة لا تنتهي بالفوز، ليبدأوا في ترديد الاسطوانة المألوفة.
لكن، الحقيقة أن هذا الهجوم لم يكن مرتبطًا بخروج الأهلي، ولا بتحليل فني واقعي لمبارياته.
بل إن الخروج كان مجرد ذريعة، لا أكثر. لأن الهجوم كان سيأتي على كل حال، مهما كانت النتائج، ومهما كان مستوى الأداء.
ولو فاز الأهلي بالمباريات الثلاث، وتأهل ، لقيل إن المجموعة ضعيفة، وإن الأندية جاءت لتستمتع بالشمس، وإن الفرق الأوروبية لم تكن في كامل جاهزيتها.
ولو تُوّج باللقب، لقيل إن هناك تمويلًا سريًا، أو صفقة مشبوهة، أو تفاهمات في الكواليس، حتى تُفتح الطريق أمام "نادي من مصر" للصعود على منصة لا تليق به، وفقًا لوجهة نظرهم.
ولو واجه ريال مدريد وانتصر، سيُقال إن الفريق الإسباني لم يكن جادًا، وإن مدربه أراح النجوم، أو إنهم تلقوا أموالًا لتسهيل المهمة.
ولو انتصر على مانشستر سيتي، سيُقال إن الحكم متحيز، وإن له قرابة بأمين عمر، وإن التحكيم مثلا منح الأهلي ضربة جزاء وهمية، أو تغاضى عن طرد مستحق.
إنها سلسلة لا تنتهي من الافتراضات، تُبنى كلها على قاعدة واحدة: الهجوم على الأهلي واجب قومي عند فئة لا تتحمل رؤية الأحمر في الصورة.
المؤسف أن كل ذلك يحدث في الوقت الذي يُشيد فيه الإعلام الرياضي العالمي بما قدمه الأهلي.
رويترز تحدثت عن مباراة مثيرة أمام بورتو، وأشادت بشجاعة الأهلي.
صحف إسبانية وصفت المباراة بالجنونية، وتوقفت عند الأداء الهجومي الكبير من الفريق المصري.
لكن في الداخل، كل ذلك تم تجاهله. لم تُذكر الفرص الضائعة، ولا سيطرة الأهلي على مجريات المباراة، ولا حتى المردود المشرف في مواجهة أندية تفوقه ماديًا وتجهيزيًا .
المشكلة ليست في خسارة مباراة، ولا في عدم التأهل.
المشكلة الحقيقية أن الأهلي بات يمثل عقدة. اسمه وحده كافٍ ليستفز البعض. تاريخه، حضوره، جماهيريته، كلها عناصر ثقيلة لا يتحملها كثيرون، فيتمنون سقوطه، ويحتفلون بتعثره، لكنهم لا يجرؤون على الاعتراف بمدى تأثيره.
الهجوم على الأهلي لا يحتاج إلى مناسبة، لأنه راسخ في العقول التي تعجز عن اللحاق به، ومترسخ في نفوس لا تحتمل رؤيته في مكانه الطبيعي، في واجهة المشهد الكروي المحلي والعالمي.
وفي النهاية، تبقى القاعدة واحدة: الأهلي سيُنتقد في كل الأحوال.. لأنه الأهلي.