"هشام عزت".. شاب من بنها يحلم أن يصنع أول سيارة مصرية بموارد بسيطة وإرادة قوية

وسط إحدى قرى مدينة بنها بمحافظة القليوبية، يعيش شاب في الثلاثينات من عمره، يُشبه الحالمين الكبار، لكنه يختلف عنهم في شيء واحد: أنه لم ينتظر الفرصة، بل بدأ في صناعة حلمه بنفسه، بيديه وعقله وقلبه.
هشام عزت، شاب مصري أحب الابتكار منذ الطفولة، ووقع في غرام الآلات والعقول اليابانية وهو لم يتجاوز سن الثالثة عشرة.
يقول هشام:
> "كنت بشوف العربيات في الشوارع وأقول لنفسي: ليه ما نصنعهاش إحنا؟! ليه دايمًا بنستورد؟!.. ومن ساعتها قررت إن ده حلمي.. وهحققه".
بدأت رحلته في الصف الثاني الإعدادي، عندما صمّم أول نموذج مبدئي لهيكل سيارة، باستخدام أدوات بسيطة وبفكر طفلٍ يرفض أن يعيش في دائرة المألوف. لم تكن موارده كافية، لكن عزيمته كانت كفيلة بأن تصنع المستحيل.
ويحكي هشام عن أول مشاركة له في معرض فني، حيث قدم نموذجًا مصغرًا لحرب أكتوبر، شمل دبابات وسيارات وآليات حربية. يقول بفخر:
"نفذت النموذج بإيدي، واشتغلت عليه بالنهار وبالليل.. ولما أعلنوا فوزي بالمركز الأول حسّيت إني قدرت أعبّر عن نفسي وعن بلدي".
ومنذ تلك اللحظة، أصبح الابتكار لغته، والورش الصغيرة مسرحًا لطموحه. صمّم سيارة صغيرة بأبعاد مناسبة للأطفال (طولها مترين وعرضها متر)، لتكون نموذجًا عمليًا لا يحتاج إلى ترخيص، تعمل بمحرك SC110، وتستهلك وقودًا بكفاءة، ويمكنه صناعتها من الألف إلى الياء خلال 10 أيام فقط في حال التفرغ.
يقول هشام:
"اشتغلت بكل حاجة بسيطة.. صاج وفايبر ومواسير وكاوتش، وحتى بواقي الخردة... المهم أحقق الفكرة، مش لازم الإمكانيات تبقى كاملة، المهم الإرادة تكون كاملة".
ورغم صغر سنه وقت أن عُرضت عليه منحة دراسية للخارج، رفضت أسرته سفره حفاظًا عليه، لكنه لم يحزن، بل رأى أن كل خطوة في طريقه تقرّبه أكثر من حلمه.
أسرته وقفت إلى جواره، باعوا جزءًا من ممتلكاتهم ليشترى ورشة صغيرة، ومنها انطلقت أولى خطواته الفعلية نحو الحلم الكبير. أما أصدقاؤه فكانوا شركاء النجاح. يقول صديقه المقرب أحمد:
"هشام مش مجرد مخترع.. ده بني آدم مختلف.. عنده شغف بيحرك الدنيا حواليه، وكلنا بنؤمن بيه".
ويضيف أحد جيرانه:
"كلنا بنتابع اختراعات هشام.. كل شوية نلاقيه طالع بحاجة جديدة.. ودايمًا مبتسم وبيقول: مصر فيها عقول بس محتاجة فرصة".
يتلقى هشام اتصالات من دول عربية وأوروبية تطلب منه تنفيذ نماذج مشابهة للسيارات التي يصنعها، لكنه يقف عاجزًا أمام ضعف الإمكانيات، ويقول بحرقة:
"العالم برة شايف اللي بعمله.. بس للأسف هنا مش لاقي اللي يمُدلي إيده.. حلمي كبير أوي.. بس محتاج حد يؤمن بيا بجد".
ورغم كل ذلك، لم ينسَ هشام أن يُعبّر عن إعجابه الكبير بالمطرب عمرو دياب، الذي اعتبره مثله الأعلى في الكفاح والنجاح، قائلاً:
"نفسي أصمّم عربية مخصوص لعمرو دياب.. عشان هو رمز للتعب والإصرار والنجاح.. ونفسي العربية دي تبقى دعاية لصناعة مصرية بأيدينا".
ويختتم هشام حديثه برسالة صادقة تحمل الكثير من الألم والأمل:
"مش طالِب كتير.. بس نفسي في فرصة.. في مستثمر أو رجل أعمال يشوف اللي بعمله ويتبناني.. عندي فكرة، وعندي علم، وعندي حلم.. بس اللي ناقصني رأس المال.. ومش عايز غير ورشة محترمة وخط إنتاج صغير أبدأ منه.. ومش بعيد بكرة يبقى اسم مصر على أول عربية صناعة محلية من بنها".